مترو المستقبل.. هل له مكان في إعادة الإعمار؟

منذ أكثر من عشرين عاماً ونحن نسمع عن مخططات رُسمت ومشاريع أُقرّت لمدّ سكك الحديد في دمشق بشكل خاص، لأنها العاصمة، ولأنها تتحمل عبء ازدحام طرقاتها، بالنظر إلى أعداد الوافدين إليها يوميا للعمل وللدراسة. ثم يجري تنفيذ هذا المشروع في سائر المدن الرئيسية وضواحيها، في خطوة لتطوير واقع النقل السيئ. ولربما سيقف القارئ كثيراً أمام فكرة تفعيل محطات القطار التي لطالما كانت حلماً للسوريين، ولكن هذا الحلم ما إن بدأ يتجلى على أرض الواقع حتى توقف بسبب الحرب، وأهمها مترو دمشق الذي كان من المقرر أن يبدأ تنفيذ أول مرحلة منه في السنوات السابقة، ولكن هذا المشروع لم يكتب له أن يرى النور تبعاً للظروف التي نمر بها. ويبقى السؤال الذي يجول في أذهان المواطنين: هل سيكون لقطار المستقبل مكان في اعادة الإعمار أم أن مخططاته ستبقى محفوظة لمستقبل يطول انتظاره!؟

لا يمكن أن ننكر الدور الكبير لسكك الحديد في طي المسافات واختصار المدة الزمنية التي تهدر على الطرقات بوسائل النقل المعروفة من سيارات وحافلات، والتخفيف من شدة الازدحام في الطرقات العامة، فالقطارات تستوعب أعداداً أكبر من الأفراد، ولها أهميتها الكبيرة في حل مشكلة النقل التي طالما عانينا منها، وعلى وجه التحديد في مراكز المدن وفي أوقات الذروة. وكم سيكون دور مترو الأنفاق كبيراً في ربط مراكز النشاط في المدن بالمناطق السكنية الكثيفة؟!

إن محطات القطار وشبكة السكك الحديدية من أهم المظاهر الحضارية التي تتمتع بها معظم العواصم في دول العالم، ونحن الآن في مرحلة بدأنا بها التجهيز لمرحلة إعادة الإعمار بعد انقشاع سواد الحرب التي نمر بها، ولابد من أن تُحدث خلالها مخططات مشاريع إصلاح ومد خطوط الحديد بشكل يتناسب مع مظهر سورية الحضاري الجديد، بحيث تُحل مشكلة النقل التي تفاقمت عشرات المرات أثناء الحرب، وتشكّل حالة متطورة من التعاون والتآزر بين وسائل النقل، إذ ستظهر مع الوقت إيجابيات وجود شبكة قطارات في ربط المدن بالضواحي وتخفيف حجم الهجرة الداخلية إلى المدن للعيش فيها بالقرب من أعمالهم وجامعاتهم، وترفع جزءاً من عبء نفقات المواصلات عن كاهل المواطنين وخصوصاً سكان الأرياف.

أشار الكثير من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن ميترو الأنفاق قد يحمل في طياته عقبات تبعاً لطبيعة مدينة دمشق الغنية بالمياه الجوفية وبالآثار المدفونة، التي سيشكل استخراجها إن ظهرت أثناء التنفيذ عقبة تؤخر مدة تنفيذ المشروع وتبطئ تقدمه، مما دفع الكثيرين لاقتراح أن ينفَّذ مشروع سكك الحديد على سطح الأرض أو على جسور في شكل من أشكال اتقاء العقبات وأسباب التأخير لهذا المشروع الحيوي الذي سيكون حجر أساس لمستقبل أفضل متكامل يصب في مصلحة الوطن والمواطن السوري.

العدد 1136 - 18/12/2024