المؤسسات الاستهلاكية.. هل حققت هدفها بالتدخل الإيجابي؟
وصلت إلى مكتب جريدة (النور) بالسويداء شكاوى من العاملين في مركز البحوث العلمية الزراعية بالسويداء والمحطات التابعة له، مفادها أن تعويض اللباس الذي يستحقونه، جرت سرقته بشكل قانوني وبمعرفة الحكومة دون المساس بعرش طمعهم واستغلالهم وربما كان ذلك بتدبير محكم، وتخطيط مسبق، فما إن استلم العامل وصل اللباس، حتى فرض عليه التوجه إلى مؤسسات التدخل الإيجابي، التي يشكو العاملون كل عام من نقص في توفر موادها الغذائية، وإذا توفرت تكون صلاحيتها لأيام قليلة، وبعضها منتهية الصلاحية، والعامل ملزم بالشراء منها حصراً، والأهم أن ما تستجره من مواد تحقق فيه الربح وتغطي نواقصها فارضة الشراء على العامل وصرف قيمة تعويض لباسه منها، لا بل تحمّله (منّة) أنها وفرت له ذلك، خاصة أن مضمون العقود المبرمة ألزمت الهيئات العامة ومنها هيئة البحوث الزراعية بالشراء حصراً من مؤسسات التدخل الإيجابي ومنها سندس، الخاضعة لمزاج خاص في إدارتها وتوفير موادها من جهة، وإلزام العاملين بشراء موادها المتراكمة في مستودعاتها القديمة، وما خفي أعظم بين سطور القرارات والإجراءات تحت ذريعة التدخل الإيجابي.
تضمنت الشكوى أن المواد المستدرجة من شركة سندس بالسويداء أسعارها مضاعفة ليس بأربعين وخمسين بالمئة فحسب بل نافت عن 120 %، فهل هذا تدخل إيجابي بالفعل؟ وقد ذهب العديد من العاملين قاصدين المؤسسة والابتسامة تملأ محياهم بما أتاهم من قيمة مالية لشراء الزيوت ذات اللهيب بأسعارها النارية والواصلة إلى مستوى لم يكن التاجر يحلم به، ليتم استغلال العامل وسرقته جهراً، وذلك بمقارنة بسيطة لمادة واحدة فقط، فسعر ليتر الزيت في السوق المحلية 300 ل. س وفي مؤسسات التدخل الإيجابي وخاصة سندس بالسويداء 640 ل. س وقس على ذلك من مواد غذائية وكهربائية ومعلبات وغيرها.. فهل حققت بالفعل هدفها في التدخل الإيجابي للعامل، أم للمستثمر.. عفواً للتاجر.. وبموافقة الحكومة؟! وهنا تسأل (النور): ما الهدف من وجود مؤسسات التدخل الإيجابي؟ إذا كان تدخلها يعود بالضرر على العامل والمواطن فهي باب جديد للفساد محكم التصرف.. أم إذا كان ذلك تلاعب في الألفاظ ظاهرها إيجابي وباطنها سلبي فالمصيبة أكبر؟
والأهم لماذا على العامل تحمّل قرارات الجهات المعنية غير المدروسة؟ وهل عليه التزام الصمت، والموافقة على سرقته ونهبه والسماح للمستثمرين والتجار أن يتحكموا به وبمصير قوته اليومي؟
أليس من حق العامل مطالبة الحكومة بأن تعيد النظر بمؤسسات التدخل الإيجابي عفواً السلبي، ووضع معايير محددة لها تكون ضوابطها ورقابتها من قبل الجهات الرقابية التموينية بدلاً من أن تحسب على الدولة والقائمين عليها تجاراً وسماسرة؟
أين الجهات الرقابية التي لا تملك أي سلطة على تلك المؤسسات؟ ولماذا فُرض ابتعاد الجهات الرقابية عنها؟
أسئلة كثيرة، ولكن يجب أن يصحو كل صاحب ضمير من كبوته ويعلم أن العامل ليس غبياً، وهذه المؤسسات لا علاقة لها بالإيجابية.. إنها سلبية، وسلبية بامتياز.. والمطلوب احترام العامل وقيمة عمله بمنحه تعويضاً يحقق ريعاً وسنداً لدخله المحدود بعد أن بات يستجدي التاجر ليخفف ظلمه، على مرأى ومسمع الحكومة.