نصائح قلَّما استفدتُ منها
(1)
في مستهل مراهقتي، نصحني إثر ملاحظته انشداهي بالجمال وانشدادي للصبايا رجلٌ طاعن في السن، قائلاً:
عاشر وعايش واعشق مَنْ شئت يا بُنيّ، من بنات حواء. لكن إياك والزواج. فسألته مُستغرباً:
وما السبب يا عمّاه؟
أجابني: لأنك بذلك، تنعم بإيجابيات المرأة ومحاسنها، وتنأى عن سلبياتها ومشاكلها، وزيادة عن هذا وذاك، تبقى مُحافظاً على انجذاب سائر النساء إليك، وعلى حريتك في موافاة التي تريدها.
أمَّا في حال زواجك من إحداهن فستخسر اهتمامهن بك جميعاً، و(تربح) مَنْ قد تُمَتِّعُكَ دقائق من أيامٍ، وتتسلى بتعذيبك، سواد العمر.
(2)
قال لي حزبيٌ مجرِّب، في مطلع اهتمامي، بالثقافة والأدب والنظريات والتنظيمات التقدمية، ذات حديث مصارحة:
استمع لكل الآراء.. اقرأ ما استطعت من الكتب والمطبوعات.. واطَّلع على ما تيسَّر لك من الأحزاب، لكن من دون أن تنتظم في أيٍّ منها. ما يُيسِّر لك إيصال رأيك إلى الآخرين، كل الآخرين، بمن فيهم المنضوين في أحزاب. ويعفيك، شخصاً ورأياً، من التجيير والتحييز والتتبيع، ويخفف عنك، الالتزام وتبعاته. لاسيما إذا كنت مطبوعاً على الصراحة والنزاهة والاجتهاد.
(3)
لقد اجتهد أحد عُقَّال قريتنا، لدى سؤالي له، قُبيل ذهابي في وفد، مع بعض المثقفين، إلى اجتماع على مستوى المنطقة، دعا له المحافظ.. اجتهد أن يزودني، بصفته مختاراً أسبقاً وفلاحاً مُجرِّباً، بتوصيتين اثنتين:
– أن يتفضل السيد المحافظ مشكوراً (اللهم إذا كان بمقدوره وضمن صلاحياته) بتنفيذ عشرة بالمئة فقط، مما وعد به، شفهياً وخطياً، أهل محافظتنا، من فلاحين وسواهم. خاصة وإن سيادته قد أصبح لطول خدمته عندنا، من أهل البلد.
– وأن لا أثني له، كعادتي، (والكلام ما زال للعاقل المُشار إليه) على المسؤولين الجيدين المخلصين والنشيطين، في المحافظة. الذين يقومون بواجباتهم الوظيفية والإنسانية على أكمل ما يستطيعون. كي لا يُكافؤوا، بإقالتهم من مناصبهم!…
(4)
أفادني قريب، مؤمنٌ وأمين – لدى شكايتي له، من صديق شريك، باع صداقتنا بوشاية كاذبة – بقوله:
حاذر يا قريبي، أن تسمح يوماً للمال أو للنساء، أن يدخلا في علاقة لك مع صديق. لأنهما (أقصد المال والنساء) ما دخلا صداقة، إلا وأوديا بها!
(5)
في أواخر الاسبوع الفائت، قرأت على أديب وناقد – أصادق كتاباته – مقالاً أزمع نشره، أعلِّق فيه على زاوية، نشرتها إحدى جرائدنا المحلية، لكاتب سوري متنوع، إلى إعجابي ببعض قصصه، أحترم معرفته وثقافته، وأقدِّر اهتماماته المختلفة ودقة ووضوح كتاباته وهو ما لم أره في مقالته موضوع كلماتي هذه.
فإذا بالكاتب الناقد يشور عليَّ (إذا بدك رأيي) حسب تعبيره، اصرف النظر كلياً عما قرأت مهموماً وما كتبت مهتماً، لأسباب عدة منها:
– أن ما كتبه عن تقنّع وانحراف وتحزّب بعض اليساريين – على ما يحمله من صيغ اتهام وتعميم – فيه كثير من الحقائق البسيطة، وقليلٌ من الافتئات الملغوم (يعني على طريقة وضع السم في الدُسُم). ما يجعل من الصعوبة على مخالفيه، كشف (لعبته). ومن السهولة على مؤيديه، المدافعة عنه.