تحية لروح الرفيق أسد في ذكرى أربعينه

 في البداية كانت قريته (امتان) ومن بعدها كان أسد العيسمي الذي أنجبته أرضها الخيرة توهجاً وضياء، فكان الخيار الأول والأخير الانحياز للهم العام والانشغال بشؤون الناس.. دربه شاقة ومهامه صعبة ومكاسبه معدومة، فالتفّ المحبون حوله وسمعه كل الأصدقاء وتعلمت الناشئة منه حب الوطن وحب الناس والوفاء للمبادئ والقيم النبيلة، فكان مدرساً مخلصاً وقديساً، وأعطى للفكر الذي حمله شارحاً استراتيجية البذل والإخلاص والتضحية، وبخاصة حب الوطن.. فهو الحاضنة لكل قيمنا الاجتماعية والأخلاقية والدينية حين يسمو هذا الحب فإنك تصبح نبياً، وكان أبو فراس قد تقمص هذا الحب تماماً، سلوكاً وعملاً، وكانت آراؤه دائماً- وإن اختلف مع غيره- آراء سديدة لأن الوطن بنظره  هو بوصلتنا التي نهتدي بها لتحديد جميع مواقعنا ومواقفنا السياسية، ولأن إنصاف الضعفاء وإكرامهم وإحقاق عدالتهم لن يكون إلا ببناء منظومة إنسانية قوامها الحب والإخلاص ينتفي فيها مبدأ الاستعلاء والانفراد بالرأي واستغلال الإنسان للآخر. وكان من أولويات حبه عشقه للأرض وعمله المستمر بها وتعلقه بتراب بلدته الغالية على قلبه، فكان يصرف الوقت الطويل في العناية بالأرض، ويهتم بها كأنها قطعة من جسده، وكانت هذه الأرض الطيبة وفيّة لصاحبها تبتسم له سنابل ذهبية وحبوباً وفيرة حتى لطيور السماء، فكانت تلك الثنائية الخلاقة ما بين أسد وأرضه، وما بين أسد ووطنه الأكبر سورية.

حقيقة لقد تركت فراغاً لا يملؤه غيرك لسنين..

حقيقة، لقد تعلّمنا منك الصبر في مواجهة الريح العاتية بكل إباء وشموخ..

حقيقة، كنت كبيراً بقلبك وعقلك، تركت أثراً عميقاً وبصمة لا تنسى في سجل المناضلين.

فيا خسارتنا بك يا خير الأصدقاء!!

العدد 1140 - 22/01/2025