رفع سعر الأدوية.. نقمة جديدة على المواطن… ونقابة الصيادلة تبرر!

تلقى المواطن السوري خلال أسبوعين متتاليين صدمات كبيرة، كانت أولاها رفع سعر البنزين، وثم تبعها ارتفاع سعر ليتر المازوت، وكان آخرها، رفع سعر الدواء المحلي بنسبة تجاوزت 50%، لتكون هي المرة الثانية التي يُرفع فيها سعر الدواء خلال عام، ما أدى إلى انقسام الشارع السوري بين مؤيد لهذا القرار، الذي عزاه إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية، وارتفاع سعر صرف الدولار، وآخر وقف ضد هذا القرار جملة وتفصيلاً، واصفاً إياه بالقرار (الظالم).

هادي (شاب عشريني) أكد: (من الطبيعي رفع سعر الدواء في هذه الظروف، وبشكل خاص بعد الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار، الذي انعكس سلبياً على أسعار المواد الأولية التي تدخل في الصناعات الدوائية وغيرها، وليس من المعقول أن تخسر الدولة في ظل أزمة تعصف بالحجر والبشر).

وأما حسني فكان له رأي مخالف تماماً لصديقه، فقد قال: (من وجهة نظري هذا قرار ظالم وغير عقلاني، وجاء في وقت غير مناسب، فهناك أشخاص يفترشون الطرقات وينامون في العراء، وهم بحاجة إلى كسرة الخبز، وكانوا يحصلون على الدواء بصعوبة، فكيف لهم أن يحصلوا عليه الآن).

مطالب برفع الرواتب

وقال أنس (موظف): (والدتي تعاني أمراضاً مزمنة، منها الربو، ووالدي مريض القلب، فأنا مضطر لدفع مبلغ يزيد عن نصف راتبي شهرياً، لكي أؤمّن الدواء لوالديّ، ولكن بعد الارتفاع الأخير أصبحت بحاج إلى راتب كامل لكي أحصل على الدواء).

وأردف أنس: (قبل اتخاذ مثل هذا القرار يجب دراسة الظروف المعيشية للمواطن قبل دراسة الفوائد التي يعود بها على خزينة الدولة، كما أنه من الأجدى أن يترافق هذا الارتفاع بزيادة على الرواتب الشهرية للعاملين في الدولة، وأن يفرض على أصحاب الشركات الخاصة زيادة لرواتب العاملين فيها بنسبة تتلاءم مع الارتفاع الحاصل، بما يساعد على تقليص الشرخ الكبير بين دخل المواطن ومصروفه اليومي).

أما ملاك، (طالبة جامعية في كلية التربية)، فلفتت إلى ضرورة تقديم الدعم الحكومي لقطاع الصحة، بقولها: (يجب أن تقدم الدولة الدعم للدواء كما تقدمه للخبز والاحتياجات الأولية، فهناك الكثير من الأشخاص المشردين الذين يحتاجون إلى الدواء ولا يستطيعون الحصول عليه)، مؤكدة (ضرورة رفع رواتب الموظفين بنسبة تتجاوز 50% لتتناسب مع المصروف اليومي للمواطن، وتكفيه لتأمين المستلزمات الدوائية والمعيشية).

القرار (مكرمة) لأصحاب المعامل

كما أعلن أحد أعضاء اتحاد نقابات العمال، أن (قرار رفع الدواء بنسبة 50% كان متوقعاً من قبل أصحاب المعامل، ولكن لم يتوقعوا هذه النسبة، التي أعتبرها أنا شخصياً مكرمة لهم).

في حين قالت عضوة أخرى: (أطمئن المواطن السوري، بأنه إن لم يمت بالقذائف والحرب، فإن الحكومة قد أمنت له الموت السريري من خلال رفع أسعار الدواء).

نشرة أسعار النقابة مخالفة للقرار

وقال الصيدلي قاسم: (نسبة رفع أسعار الدواء ليست كما أعلن على وسائل الإعلام على أنها 50%، فبحسب نشرة أسعار الدواء الصادرة عن نقابة الصيادلة، فإن النسبة تقدر بـ55 إلى 60%، على سبيل المثال الأدوية التي كانت في السابق مسعرة بـ 105 ليرات، أصبحت بعد الرفع 170 ليرة سورية، وبالتالي فإن المواطنين يشككون بنسبة ربحية الصيدلي).

وأشار قاسم، إلى أن (مستودعات الأدوية أوقفت بيع الأدوية للصيدلي قبل أيام من صدور القرار، والبعض الآخر إن باع، فإنه يقنن بالبيع، بحيث يبيع من كل صنف قطعتين أو ثلاث فقط)، مؤكداً أنه (في اليوم التالي لصدور القرار، توفرت الأدوية المقطوعة بشكل مباشر وفوري).

وأضاف قاسم: (هناك أدوية ارتفع سعرها في وقت سابق ثلاث مرات، وهي عبارة عن مكملات غذائية وفيتامينات، ولا تلتزم بالنشرة الصادرة عن نقابة الصيادلة بالضرورة)، موضحاً أن (ربح الصيدلي من رفع الدواء يصل إلى 25% للألف الأولى والثانية، و15% للألف الثالثة).

نقابة الصيادلة غير مستفيدة من القرار والهدف هو المواطن

وللوقوف على الموضوع، أكد رئيس اللجنة العلمية والإعلامية بنقابة صيادلة سورية، شادي خطيب، أن (قرار رفع أسعار الدواء، هو ليس مطلب صيادلة سورية، بل هو مطلب من أجل توفير الدواء)، مشيراً إلى أن (توفير الدواء مرتبط بسلسلة من الآليات التي تبدأ من كلف الإنتاج، والمواد الأولية، والمواد المصنعة والفعالة، ومستلزمات الإنتاج).

وأضاف خطيب: (أي وسيلة تساعد على توفير الدواء للمواطن فإننا نؤيدها)، موضحاً أن (الهدف من رفع سعر الدواء، هو توفير الزمر الدوائية غير المتوفرة والمفقودة، وأن الارتفاع لا يطول جميع الأصناف الدوائية، كالفيتامينات والمنشطات، لأنها مستوردة، ويتوقف تسعيرها على سعر صرف الدولار، ولا تدخل في نشرة النقابة،ولا يشملها قرار الرفع الأخير).

وتابع: (معامل الدواء السورية، ساهمت بتوفير الأدوية في السوق الدوائي السوري، ولكن بعض الزمر الدوائية التي تمثل حاجة لبعض المرضى، لم يعد هناك جدوى اقتصادية من تصنيعها، ومع ذلك استمرت بعض المعامل في تصنيعها بشكل مقنن، والبعض الآخر توقف عن تصنيعها بشكل نهائي).

وأشار خطيب، إلى أن (المواد الأولية المستوردة يتم استيرادها بالقطع الأجنبي، وأن نسبة 50% من الزيادة على سعر الدواء، ليست كبيرة مقارنة مع تكاليف الإنتاج، ولكنها كبيرة مقارنة مع دخل المواطن)، موضحاً أنه (مع الارتفاع في الأسعار والحرب التي تعيشها سورية، إلا أن سعر الأدوية السورية أقل من سعر الأدوية في الدول المجاورة).

وأكد خطيب أن (غياب بعض الأصناف الدوائية من الأسواق، يدفع المواطن للحصول عليها عن طريق التهريب من دول مجاورة، وبأسعار مضاعفة)، مشيراً إلى (إمكانية تطبيق قرار رفع سعر الدواء على أصناف دوائية دون أخرى، وكانت موجودة لدى اللجنة، ولكنها تحتاج إلى وقت طويل جداً).

العدد 1140 - 22/01/2025