هل يعقل هذا يا سيادة وزير الإدارة المحلية؟!

 أعتقد أنه في كل البلدان لا يمكن أن تصدر قرارات من دون ما يبرّرها ولا يمكن أن تطوى تلك القرارات دون مبررات أيضاً، فماذا عن قرارات الإعفاء بحق بعض المديرين والمزاجية في تلك القرارات، وانتشار روائح غير محببة عن صفقات وقصص من وراء تلك الكتب التي تطوي قرارات، لا أعتقد أنها كانت مجحفة بحق أصحابها؟!

وكنت في جريدة (النور) قد آليت على نفسي ألاّ أسكت عن استخفاف كهذ بعقول المواطن مادمت امتلكت من الوثائق ما يثبت كلامي، وقد كان لي على المستوى الشخصي وعبر صفحات (النور) الغرّاء العديد من التجارب في قضايا كهذه كان آخرها ما جرى في وزارة الصناعة بخصوص الخلل في قرارات إعفاء ثم طيها، وترقية من أعفي بسبب الفساد إلى أن تم إعفاؤه مرة ثانية!

وأعتقد أن صدور قرارات وزارية كهذه بخصوص أشخاص مكلفين بصفة رئيس أو مدير لم يكن مرضياً ولا مقنعاً في الكثير من الأحيان، مع الإشارة إلى أن هذا لا يتوقف على وزارة بعينها، بل بإمكاننا أن نسحبه على عدد من الوزارات مع لفت الانتباه إلى وجود حالات كهذه في وزارتي الصناعة والإدارة المحلية.

اليوم نسلط الضوء على إحدى هذه الحالات في وزارة الإدارة المحلية:

(ع. أ. ا) العامل من الفئة الأولى ومكلف منذ سنوات وسنوات بصفة مدير المصالح العقارية بالدريكيش كان مؤخراً مثار حديث طويل في طرطوس عامة والدريكيش خاصة خصوصاً بعد إعفائه من قبل الوزير بتاريخ 1/6/2015 وطي القرار بعد ثلاثة أسابيع بتاريخ 23/6/2015!

لقد تعرّض (ع.أ.ا) خلال فترة عمله الوظيفي لعدد كبير من العقوبات المسلكية بسبب الإهمال والتقصير تارة والفساد تارة أخرى، وسوف أعرض عدداً من هذه العقوبات التي بدأت منذ العام 2004:

1-جاء في القرار رقم 258/ و: إن المدير العام للمصالح العقارية، بناء على أحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة وعلى تقرير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم /8 أ.د تاريخ 1/6/2003 يقرر فرض عقوبة الحسم 5% من الأجر الشهري لمدة ستة أشهر للسيد (ع. أ. ا) بسبب فقدانه براءة ذمة مالية للعقد رقم 3737.

2-كما فرضت عقوبة الإنذار بحقه من قبل مدير المصالح العقارية بطرطوس بناء على كتاب الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم 20/1062/26 تاريخ 29/11/2007 بسبب الإهمال والتقصير.

3- وقد فرض محافظ طرطوس المرحوم وهيب زين الدين بتاريخ 10 /6/ 2008 بحقه عقوبة الحسم من الأجر بنسبة 3% لمدة ثلاثة أشهر بناء على مقترحات تقرير الرقابة الداخلية التي تتعلق بالتقصير وسوء الأداء الوظيفي.

4- وفرض محافظ طرطوس عاطف نداف بناء على تقرير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم 10/4649 /8/4 تاريخ 26/5/2011 عقوبة الحسم من الأجر بنسبة 5% بحق (ع. أ. ا) لأسباب تتعلق بالنزاهة والتقصير في الأداء الوظيفي.

5- وفي كتاب السيد وزير الإدارة المحلية رقم 525 / و لا، تاريخ 7/10/2012 الذي يستند إلى كتاب رئاسة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش اتخذ قرار بإبعاد السيد (ع. أ. ا) عن كل الأعمال التي لها علاقة بالتوثيق والتي تشمل رئيس مكتب – معاون رئيس مكتب – والأعمال ذات الصلة بالتدقيق العقاري.

6- وفي القرار رقم 410/ و لا، أصدر وزير الإدارة المحلية قراراً يقضي بإنهاء تكليف السيد (ع. أ. ا) من الفئة الأولى من عمله بصفة معاون رئيس شعبة.

7- كما فرضت بحقه عقوبة تنبيه مسجلة من مدير المصالح العقارية بطرطوس بتاريخ 30/4/2014 بسبب التقصير والإهمال في العمل.

وكان آخر القرارات الصادرة بحق السيد ع.أ.ا والقاضي بإنهاء تكليفه بصفة مدير المصالح العقارية في الدريكيش قد صدر بتاريخ 1/6/،2015 فقام كالعادة بزيارة إلى دمشق، وعاد بتاريخ 23/6 /2015 ومعه كتاب طي القرار القاضي بإنهاء تكليفه موقّعاً من وزير الإدارة المحلية بالتفويض المدير العام للمصالح العقارية، والمدهش أن المذكور تحدث إلى عدد من زواره عن عودته بقوة مدّعياً أن هناك جهات عليا كانت وراء عودته.

عندما طلبت من المدير بصفتي مراسل جريدة (النور) بطرطوس صورة عن محاضر التحديد والتحرير، وصورة عن براءة الذمة من المالية وصورة عن العقد لعدد من العقارات التي كانت مثار شبهات كثيرة في الدريكيش وطرطوس، وعلمت أنها أحيلت إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وبعد مماطلة على مدى يومين كانت الأوراق التي قدمها لي عبارة عن زجاجات عطر ومبالغ مالية رفضت استلامها، وبعد يوم من ذلك أبلغت مدير المصالح العقارية بطرطوس بالحادثة.

هناك خلل كبير في العلاقة بين الموظفين وهذا المدير، والشيء الذي يدعو إلى الاستغراب والريبة هو تدخّل أصحاب المكاتب العقارية بالدريكيش تدخلاً فاضحاً وبشعاً في عمل المصالح العقارية بالدريكيش وتمرير الكثير من المخالفات والمغالطات بطرق غير مشروعة ولا محقة، كما حدث معي شخصياً عندما أعطى هذا المدير كتاباً إلى بلدية الدريكيش لمنح أحدهم رخصة إقامة طابق رابع على العقار 404 بعد تنازل سكان البناية عن السطح، في حين كنت أمتنع عن التنازل وبقيت مصرّاً على عدم التنازل إلاّ بعد أن حصلت على حقي من حصتي بالسطح.

من خلال عمليات البحث والاستقصاء في كواليس المصالح العقارية بالدريكيش وطرطوس وصلنا إلى قناعة وثقة تامة بأنه من أصحاب السمعة السيئة والسلوك غير الأخلاقي، وأنه لا يتورع عن القيام بأي عمل حتى لو كان يتعارض مع القانون شريطة تحقيق منفعة مادية، وهذا ما تطابق مع رأي مدير المصالح العقارية بطرطوس عندما زرته شخصياً ووضعت بين يديه ما بحوزتي من ثبوتيات.

في اتصالي مع السيد لؤي خريطة، معاون وزير الإدارة المحلية، أوضح أن الكتاب الذي تم التراجع عنه هو كتاب نقل للمذكور، وعندما أكّدت له أن الكتاب يتحدث عن إنهاء تكليف للمذكور تمنى عليّ أن يحصل على نسخة من ذلك الكتاب مضيفاً أنه من غير الممكن حدوث خطأ كهذا! وأنا هنا أشكره على سعة صدره وها نحن نضع بين يديه من خلال هذه المقالة صورة عن كتاب الإعفاء في 1/6/ 2015 وطي القرار بتاريخ 23/6/2015!

أخيراً: لاقت إعادة (ع.أ.ا) إلى عمله مديراً للمصالح العقارية بالدريكيش بعد 23 يوماً (على قرار الوزير) إنهاء تكليفه استهجان الشارع في الدريكيش الذي كان ينتظر قرار الإعفاء بفارغ الصبر منذ زمن، بعد أن تغوّل وبات من أصحاب الأيدي الملوثة بالفساد، فهل تتم معالجة الأمور في وزارة الإدارة المحلية بهذه الطريقة يا سعادة الوزير؟!. وإذا لم يكن لديكم الأدلة على فساده فلماذا أصدرتم القرار بتاريخ 1/6/ 2015 بإعفائه من عمله؟ وإذا كنتم تملكون ما يثبت تورّطه فلماذا طوي القرار بتاريخ 23/6/2015 أي بعد ثلاثة أسابيع تقريباً؟! سؤال نضعه برسم السيد وزير الإدارة المحلية، فهل سنقرأ رداً عبر هذه الجريدة يوضّح لنا الأسباب يا ترى؟!. أم سنلحظ إجراء ما على الأرض يصحّح هذا الخطأ غير المنطقي قطعاً؟!

العدد 1140 - 22/01/2025