وداعاً أستاذي الجليل زهير الخاني!
رن هاتفي الجوال معلناً وصول رسالة خطية، فتحت الهاتف وقرأت: (توفي الأستاذ زهير).توقفت عن الكلام ورغرغت الدموع في عيني. واستغربت جارتي الجالسة بقربي، وسألت بوجل: من مات؟! بعد لحظات تمكنت من الكلام وأجبتها: مات أستاذي الجليل ومعلمي المهني الأمين زهير الخاني. وتذكرت في هذه الأثناء تلك اللحظات، التي كان قد استقبلني فيها في مكتبه منذ ثلاثة وعشرين عاماً، وقد كان لهذا اللقاء دور هام ومفصلي في إرشادي إلى الطريق الصحيح لمهنة المحاماة، التي أحببتها قبل أن أمارسها وحتى قبل أن أنال الإجازة في الحقوق من جامعة دمشق.
كان محباً لمهنة المحاماة وعالماً بالقوانين والإجراءات ويوجه جميع المتدربين إلى حب المهنة واحترامها والالتزام بحضور جلسات التمرين في نقابة المحامين، والتقيد بالحضور الدائم لجلسات المحاكم على اختلاف أنواعها. وهنا لابد لي أن أؤكد مساعدته لي خلال إعدادي لموضوع البحث العلمي القانوني لنيل أستاذ في المحاماة.
لقد كان أيضاً أستاذاً ومعلماً للكثير من الزملاء الأساتذة الذين تخرجوا في مكتبه لمدة تتجاوز الخمسين عاماً، ويعقد جلسات مناقشة معهم، فهو يعتبر نفسه واحداً منهم أثناء النقاش والتشاور في المجال القانوني والمعرفي، فضلاً عن جاهزيته للإجابة عن أي تساؤل يتعلق بالمهنة وتبادل الخبرة في هذا المجال. إضافة إلى كونه محامياً بارعاً، كان الأستاذ زهير الخاني وطنياً بامتياز ومهتماً بالقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية لسورية، فقد شغل منصب وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي.
رحل الأستاذ زهير الخاني مأسوفاً على صدقه وعلمه وعطائه للوطن ولمهنة المحاماة التي أحبها، وزرع حبها في نفوس طلابه وزملائه وأنا واحدة منهم. إنها خسارة كبيرة وجسيمة لا تعوض، لكن ما يعزينا جميعاً هو وجود نجله الأستاذ عمر الخاني، الذي تربى في كنفه والجدير بحمل راية والده. لن ننساك أيها الأستاذ القدير، وستبقى ذكراك حاضرة في أذهاننا، معلماً يهتم بتلقين تلاميذه أصول المهنة.
لك الشكر والامتنان والرحمة لروحك الطاهرة!
الفقيد في سطور
– ولد في دمشق عام 1926
في عائلة تحب العلم والعمل.
– درس في مدارس دمشق ودرس الحقوق في جامعة دمشق وتخرج فيها.
– مارس المحاماة لما يزيد عن الخمسين عاماً.
– شغل منصب وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء في الفترة من 16/9/1966 إلى 28/9/1967.
ومن ثم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية خلال الفترة من 28/9/1967 إلى 15/11/1970.
– متزوج وله ولدان.