أمراض فيسبوكية.. والمعالجة بأدوية فاسدة!

بعض مستخدمي الفيسبوك يرون أنه العلاج الناجع للفساد الذي لم يستطع أحد السيطرة عليه وربما ساهم في نشر فساد من نوع جديد، لا بل بات المتنفس لكلصاحب مزاجية أراد أن يفجر غضبه وحقده على من يشاء وعلى أية جهة شاء، بحيث يطرح بعين عوراء ما يريد طرحه، ويطلقون أحكاماً تساهم في تبديل الرؤية الاجتماعية والثقافية والسياسية رغم حاجتنا إلى التلاحم والتعاضد والعيش الواحد لفئات المجتمع بخلق قواسم مشتركة تجمعنا الهوية والشخصية الوطنية الواحدة.

لعلنا لم نحسن استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي الموجودة للخدمة الإنسانية،  بل لقضايا تتعلق بأنماط الشخصنة والتملق، لأن الفيسبوك ليس مصدراً رسمياً يمكن من خلاله اعتماد مصداقية المعلومة منه، وفي الآونة الأخيرة بات يشكل عبئاً على الحياة الاجتماعية والاقتصادية واصبح يمنح مستخدميه ألقاباً متعددة كأن يعرف باسم إعلامي، أو ناشط، أو غير ذلك من الألقاب التي لا يحصل عليها المرء إلا بعد معاناة وتعب وجهد بين الكتب والأوراق والميدان، وربما بات يطيح بشخصيات ويسيء لآخرين عن طريق المزاجية المفرطة في التعاطي مع مستجدات الحياة اليومية، ولهذا فهو علاج فاسد لأمراض أكثر فساداً.

إن السويداء محكوم عليها، على ما يبدو، أن تبقى تحت رحمة التجار والمهربين للمحروقات (البنزين والمازوت) تحتاج إلى أكثر من عشر طلبات يومياً والحكومة لا تمنحها سوى سبع طلبات، ورغم ازدياد طلبات البنزين لتسع طلبات والمازوت إلى 12 طلباً مازالت الأزمة قائمة، ما جعل العديد من الأصوات تعلو مطالبة بزيادة الكمية، لكن أحقية المطالب فقدت جوهر مضمونها حينما تحولت إلى التحكم والسباب وبث الرعب، يقيناً أن مؤسسات الدولة وأبنيتها هي للشعب وليس لجهة معينة، ولكن تهريب المحروقات في السويداء بات مرضاً يصعب علاجه إن لم تتخذ الحكومة إجراءات صارمة، لأن المهرب والمهربين باتوا على عينك يا تاجر، بتغطية من بعض الجهات المسؤولة، فهل من طبيب يعالج مرضاً عضالاً، بعد التراخي في التعامل مع مكافحة الفساد والفاسدين، بأدوية فيسبوكية فاسدة.

هناك ظواهر مقلقة وخطيرة على المجتمع وهي جزء من المرض الوبائي، عندما تبدل الهدف والغاية من فكرة المقاومة الشعبية وفصائل الدفاع الشعبي لمؤازرة الجيش في محاربة الإرهاب والإرهابيين، المرحب بها وطنياً واجتماعياً، لكنها حملت معها أمراضاً كثيرة، فتشكلت فصائل دفاع شعبي تحت مسميات عدة بقصد حماية المدن والقرى والأحياء وحراستها، ولكن بعض عناصر من تلك التشكيلات بدأت تظهر قوتها الاستعراضية في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، وهذه الظاهرة جسدت قناعة أنها لن تنتهي بانتهاء الحرب أو بالعلاج الفيسبوكي الذي زاد الطين بلة بفساد مادته  الدوائية.

إننا نتساءل: كيف لشعب أن يعمل وينتج في ست ساعات من الكهرباء، وأن يواجه البرد الشتاء بمئة ليتر من المازوت، وهو يشاهد تجارته أمام عينه في السوق السوداء، ودمار الثروة الحراجية بأيدي أصحاب النفوذ، والسيارات التي تحصل على البنزين محدود العدد، والتهريب بات ثقافة مشرعنة، ويومياً أخطاء ترتكب وعين الرقابة والمحاسبة عوراء عنها بمعالجة فيسبوكية فاسدة، وإذا كان ما يسمى بالربيع العربي الجزء الأكبر من عوامله فيسبوكية بامتياز، والدمار الذي لحق بالوطن وبراثن الأفكار الجرثومية كان السبب والمسبب بها، والحكومة المصابة بداء الفيروسات الفيسبوكية التي لم تقدم حلولاً ناجعة لمشاكل الخدمات الاجتماعية لا مازوت ولا بنزين ولا كهرباء ولا خبز نظيف، ولا تحسين للوضع المعيشي سوى بالوعود الكاذبة والاستهتار، فهل سمحنا لأنفسنا استخدام الفيسبوك للتنفس أم لانتشار الظواهر المرضية التي يصعب علاجها فيسبوكياً ويتيح لضعاف النفوس التطاول على هيبة الدولة ومؤسساتها التي هي رمز هويتها الوطنية والقرار بيد أصحاب القرار في دمشق وليس في السويداء، سؤال نتركه في ذمة السادة الوزراء المعنيين والحكومة، لماذا السويداء يا سادة؟

العدد 1140 - 22/01/2025