الطرزي «صلاح الدين »…1917-1980
هو صلاح الدين بن أمين الطرزي. كان والده الشيخ أمين من علماء مدينة دمشق وشغل فيها منصب رئيس الدائرة الشرعية. ولد صلاح الدين في دمشق وتوفي في مدينة لاهاي بهولندا إثر حادث أليم، إذ صدمه الترام عندما كان يجتاز خط سيره، وكان عائداً إلى منزله.
تلقى صلاح الدين الطرزي دراسته الثانوية في مدرسة «الفرير» بدمشق، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية، ذهب إلى بيروت لدراسة القانون في الجامعة اليسوعية الملحقة بجامعة ليون بفرنسا، وتخرج فيها عام ،1939 ثم ذهب إلى جامعة ليون حيث حصل على شهادة دكتوراه الدولة في القانون الدولي العام والخاص، وعاد إلى دمشق ليمارس المحاماة مع شقيقته بوران ومع داود التكريتي في مكتب سعيد الغزي، كما درّس في أثناء ذلك مادة القانون الدولي في كلية الحقوق بدمشق.
في عام ،1945 عُيّنَ صلاح الدين الطرزي مديراً للشؤون القانونية في وزارة المالية، ثم انتقل إلى وزارة الخارجية في عام ،1949وعمل مديراً للشؤون السياسية أولاً، ثم أميناً عاماً بالوكالة.
بدأ عمله الدبلوماسي في الخارج بصفته قائماً بأعمال السفارة السورية في بروكسل (بلجيكا) عام ،1951 ثم نائباً للمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة (1953ـ1956)، ثم سفيراً لسورية في موسكو بالاتحاد السوفييتي (سابقاً)(1956ـ1957)، وعاد إليها مرة أخرى سفيراً (1965ـ1970)، ثم سفيراً للجمهورية العربية المتحدة في تشيكوسلوفاكيا (1958ـ1959)، ثم سفيراً في الصين (1960ـ1961)، ثم مندوباً دائماً لسورية لدى الأمم المتحدة (1962ـ1964)، ثم سفيراً في أنقرة بتركيا (1970ـ1974).
انتخب عضواً في محكمة العدل الدولية ليمثل الشريعة الإسلامية فيها بلاهاي، وعمل في المحكمة من عام 1976 حتى وفاته، وكان من أبرز أعضائها وأنشطهم وأكثرهم كفاءة وعطاءً. وقد تميزت آراؤه المخالفة والفردية في الدعاوى التي شارك في الفصل فيها بإبراز موقف الشريعة الإسلامية في مفهوم النزاع، فكان بذلك سبَّاقاً بين من مثلوا هذه الشريعة في عضوية المحكمة بإبرازها مرجعاً من مراجع القانون الدولي.
شارك صلاح الدين الطرزي في اجتماعات لجنة الهدنة السورية ـ الإسرائيلية المشتركة. وفي عام 1951 انتخب عضواً في اللجنة التي عهد إليها صياغة نظام المحكمة الجنائية الدولية. وفي عام 1953 انتخب مقرراً للّجنة الخاصة بتعريف العدوان. وفي عام 1968مثَّل سورية في مؤتمر الأمم المتحدة لقانون المعاهدات في ؟يينا (في دورته الأولى). وفي عام 1975 رأس اللجنة التي بحثت تعديل ميثاق جامعة الدول العربية.
كان صلاح الدين الطرزي واسع المعرفة شديد الذكاء، قوي الذاكرة لدرجة لافتة، ملمّاً بالوقائع التاريخية والسياسية والعلمية على الرغم من تواضع إنتاجه الفكري المكتوب، كما كان لطيفاً في معشره رقيقاً في أحاديثه وفياً في صداقاته متواضعاً في علاقاته مع زملائه، دقيقاً في أحاديثه مقنعاً في حججه. وقد ترك صلاح الطرزي ذكرى عطرة وتقديراً في محكمة العدل الدولية وفي جميع المناصب الدبلوماسية التي شغلها. وكانت وفاته خسارة كبيرة لوطنه سورية وللفقه القانوني العربي.