ولادة المسيح السوري
يا سيّدي، عليك مني السلام… أمّا بعد.. فقد بلغني أنك تشفي المرضى بقوة كلامك ودونما دواء أو ترياق، وأنك تجعل الأعمى يبصر، والمُقعد يمشي والأصم يسمع، وكل ذلك بقوّة كلامك؛ ولقد بلغني أنك تحيي الموتى أيضاً. ولمّا سمعتُ كل ذلك يا سيدي على لسان رسولي إليك (حنان)، فقد قلت في نفسي إنك نزلت من السماء بلا شك، وإنك ابن الله. لذلك أطلب منك في رسالتي هذه أن تأتي إلى مملكتي وتشفيني من مرض البرص، لأن إيماني بك كامل. ولقد بلغني يا سيّدي أن اليهود يتآمرون عليك ويسعون إلى صلبك وقتلك، وأنهم على وشك أن يفعلوا ذلك. ولذلك أقول لك إن مدينتي ليست كبيرة، ولكنها جميلة وتتسع لنا نحن الاثنين معًا لنعيش فيها بسلام.
وعندما تسلّم يسوع نص الرسالة من حنان، قرأها، ثم قال لحنان: (عُدْ إلى الرها وقل لسيّدك إنني أقول له: طوبى لك لأنك آمنت بي قبل أن تراني، لأنه مكتوب عنّي أن الذين يرونني لا يؤمنون بي، والذين لا يرونني يؤمنون بي. إنك أيها الملك (أبجر) تسألني أن آتي إليك. إنما ما جئتُ من أجله قد تمّ، ولكن ما إن أصعد إلى الذي أرسلني، أي أبي الذي في السماوات، حتى أرسل إليك أحد تلامذتي ليشفيك من مرضك. وكذلك سوف أمنح الحياة الأبدية لكل الذين حولك. وإني أبارك مملكتك، فلا يغلبك عدوّ أبدًا.
(مقتطفة من نص رسالة الملك أبجر عكامة – ملك الرها السورية- إلى يسوع الطبيب العظيم)…
الديانة المسيحية -ديانة عيسى بن مريم المسيح- هي ديانة سورية قديمة، والمسيح الذي ولد في ظل نخلة، سوري.. والسوريون القدماء لم يعتنقوا خلال تاريخهم ديانة وافدة، بل تمسّكوا بدياناتهم التي ولدت في بيئتهم الروحية التاريخية رافضين قبول أي دين غير سوري.. الرسالة التي وجهها الملك السوري أبجر عكامة ملك مملكة الرها السورية الآرامية (أم اللهجة السريانية)، والذي عاصر السيد المسيح… ونص الرسالة -إضافة إلى جواب السيد المسيح عليها- وثيقة تاريخية هامة جدًّا، وهي تبيّن أن الملك الآرامي السوري أبجر سمع عن السيد المسيح ووجّه له رسالة مدوّنة باللغة الآرامية السريانية السورية، حملها إليه كاتبه الخاص (حنان)، يعرض فيها عليه أن يأتي إلى مملكته في الرّها… هذه هي سورية السيد المسيح وما قبله وما بعده…هذه هي سورية مهد الحضارات والديانات…إنها مسقط رأس ابن الجليل الذي أكمل بولادته أساطير سورية وجعل منها حقائق…وها هو ذا في هذه الأيام المباركة يذكّرنا بالحقيقة السورية الفذّة بين الأمم، بل ويقف معنا في مواجهة الأعداء…أليس من تلاميذه من قال لأعداء سورية في(إنجيل يوحنا 44:،8 47): (أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتّالاً للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق…الذي من الله يسمع كلام الله، لذلك أنتم لستم تسمعون لأنكم لستم من الله).