غلطة الشاطر بألف
غلطة الشاطر بألف، وعلى هذا لا يوجد منّا شخص إلاّ ويحمل في داخله سلبيات وإيجابيات. لذا فصفة الكمال المطلق لله وحده، فمن منّا بلا خطيئة؟ بلحظة وبغير قصد يتصرف تصرفاً ربما يكون في غير موقعه يعكس عليه سلبيات الموقف، وهنا لابدّ أن ينسى البعض كل حسناتنا فتفتح أمامنا جبهة من الانتقادات غير الموضوعية متجاهلين جميعاً مواقفنا السابقة، وخاصة في المجتمعات التي تحكمها العادات والتقاليد ويسود فيها الطابع العشائري المستند على شخص كبير يُعتبر مرجعية للجميع، والويل الويل إن أخطأ هذا الشخص! هنا لا رحمة عند البعض ولا هوادة، إذ يبدأ سيل جارف ينهال عليه من الملامة وعبارات كـ(بدل أن يتحفنا بآرائه وينتقد الآخرين، الأفضل أن ينظر إلى نفسه وبيته أولاً).
طبعاً ينسى الجميع آراء هذا الشخص السديدة وحكمته وبيته المفتوح أمامهم جميعاً، وأمام أول عثرة، وعلى مبدأ (غلطة الشاطر بألف) يقع فريسة انتقادات لا متناهية. لذا كم نحن بحاجة إلى شخص موضوعي يحكم أخطاءنا بعين ثالثة محايدة تماماً، ينظر إلى الخطأ ذاته لا إلى سابقه، لا يتجاهل مكانة الشخص المخطئ وأنه بالدرجة الأولى إنسان، مزيج من العواطف قد يخطئ بغير قصد لأنه ليس ملاكاً مُنزلاُ خالياً من العيوب. فكثرة الانتقادات، بدل أن تكون لتصحيح غلط ارتكبناه، تأتي لتحبط نفوسنا من شدة قسوتها وطريقة إلقائها علينا في غير موقعها، وكأنها شمّاعة كلما صادفنا أحدهم علّق عليها بكلمة نقد جديدة تحبط من جديد ما كنّا قد رممناه في نفوسنا. ينسى الجميع أن كثرة النقد واللوم قد تسبب لنا التعب والإحباط، وبالتالي قد تدفع البعض للعزلة والابتعاد عن الآخرين حتى لا يسمع ملاحظة جديدة تشعل نار عتب ما كادت أن تخمد حتى حرّك جمرها أحدهم بكلمة نقد.
وهنا من الضروري والحتمي وجود أشخاص موضوعيين بعيدين عن المشكلة ليكونوا الحكم والعين الثالثة لتصويب أخطائنا من غير أن تفتح أبواباً قد أغلقت ولا داعي لفتحها من جديد لأن رياح الحزن خلفها قد تفسد هواءها النقي، وبالتالي تُعكّر صفاء نفوسنا فيصعب علينا إصلاح ما كنا قد ارتكبناه من خطأ جديد.