البعد الاجتماعي للأزمة

أفاضت الندوة التفاعلية الرابعة لجمعية العلوم الاقتصادية فرع اللاذقية والتي تقام بالمركز الثقافي بجبلة في الحديث عن البعد الاجتماعي للأزمة وانعكاساتها الخطيرة وضرورة تضافر جميع الجهود لتفريغ البيئة من الأمراض الجديدة الوافدة إلينا، لتنشر ثقافات لم تكن موجودة أو أصبح البعض يظنها كانت دفينة كثقافة القتل والانتقام والتقطيع، وكل ذلك نتيجة الانحلال الأخلاقي والقيمي الناجم عن سوء مخرجات مؤسسات التنشئة بكل أنواعها التعليمية، الإعلامية، الدينية، وهياكل المنظمات والمؤسسات، وإضعاف دور الأسرة، وأخطر ما نعانيه هو شق النسيج عبر حرف الصراع الحقيقي ضد الصهاينة والإمبريالية الأمريكية وأدواتهم الفاسدة ليصبح طائفياً مذهبياً قومياً، وليغرّد حيتان الفساد وينضمّ إليهم تجار الأزمة ليشكلوا أسوأ طبقة هدفها الإطالة والتأزيم على حساب الدم والأرض والعرض.

وكانت الندوة قد بدأت بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً للدم السوري المقدس، ثم قدم الدكتور سنان علي ديب عرضاً بالأرقام حول الخسائر التي اختلف الباحثون بتقديرها بين 250 مليار دولار و350 ملياراً، وقد سُرّب خبر عن تهريب 35 مليار إلى بنوك لبنان، وأضعاف ذلك المبلغ إلى تركيا ومصر من دون التهريبات السرية، وقد بلغت خسائر قطاع الكهرباء 1500 مليار ليرة سورية وقطاع النفط 60 مليار دولار، فقد انخفض الإنتاج من 400 ألف برميل يومياً، إلى نحو 8000 برميل، ودمر نحو 80 معملاً للقطاع العام، 40 منها دمرت بشكل نهائي.

وتقدر خسائر القطاع العام الصناعي بـ 985 مليار ليرة بقيمة استبدالية 2500 مليار. وما أحصي للقطاع الخاص بـ 510 مليارات ليرة سورية عدا نحو مليون ونصف مليون شقة سكنية وآلاف المدارس والمشافي، وانخفاض الإنتاج الزراعي إلى نحو 7 ملايين طن، أي النصف، وكذلك الثروة الحيوانية ونحو 380 منشآة سياحية ومشافٍ على مستوى المنطقة، بتدمير ممنهج هدفه بث الفوضى وتحويل سورية دولةً فاشلة، ورغم ذلك صمدت سورية وتحاول الانطلاق رغم إرهابي الاقتصاد الداخلي، مسبّبي الأزمة، ورغم كل هذه الكوارث لم ولن نيأس.

ولكن رغم قساوة المشهد فإن الانعكاسات الاجتماعية أخطر بحيث أفرغت فئة الشباب بين القبر والسلاح والهجرة التي استنزفت الطاقات الشبابية والكفاءات بأسلوب ممنهج، وكذلك نزح نحو 4 ملايين إلى دول الجوار، ونحو 7 ملايين داخلياً ضغطوا على الخدمات وعاشوا بأسوأ ظروف، بينما اغتنى البعض بسرقة معوناتهم. وأفرزت الحرب نحو مليون معاق وآلاف اليتامى والأرامل والمشردين والمتسربين من المدارس، ومظاهر خطيرة من الدعارة والاغتصاب وعمالة الاطفال وانتشار إدمان المخدرات والسرقة والقتل، وكذلك حاول بعض الجوار الإساءة للهوية السورية والنيل من كرامة السوريين.

 وقد أجمع الحضور على أنه يجب علاج مرض الطائفية بالتواصل، وأن التواصل لا المصالحة هي الأساس، وأن الشرخ الذي صنعه الفاسدون وأدواتهم يجب أن يُملأ بالمحبة والتعاون لتفريغ البيئة الحاضنة لمشاريع الإمبربالية والصهيونية. وقد نوقش موضوع الطائفية بجرأة كبيرة، ولفت رئيس الجلسة الانتباه إلى الصيادين من أجراء قذرين الذين يحاولون أن يستفزوا الآخر بخطاب طائفي استفزازي، كأن يقال: الجوامع التي بنيت بكثرة أو مادة التربية الإسلامية هي سبب ما وصلنا إلي،ه فالجامع بحاجة إلى خطيب وإلى خطبة ومادة التربية الإسلامية حصّنت مجتمعاً صلباً، ولكن العطل في نهج مؤسسات التعليم ومخرجاتها.

 وختمت الندوة بالاتفاق على العمل جماعياً وفردياً للتخفيف من هذه الظواهر ومواجهة مفتعليها.

العدد 1140 - 22/01/2025