شجرة الدفء الباسقة

 كانت هذه المرة الأخيرة التي رأيته فيها بعد زيارته لي في مشفى المجتهد بدمشق، صديقي الذي لا يعوّض، صديق الأربعين سنة خلت، ولا أنسى مدى تأثره ورفعه لمعنوياتي وهو يطمئنني أو أحياناً يتعجب: أنه هل هناك مرض يرميني؟

صديقي باسم الذي فقدته.. فقدت فيه المحبة والغيرة و(شرفات كلامه) التي كان يثرينا بها أسبوعياً، والتي تحمل هموم الناس وأفراحهم وأحزانهم، وتلتقط الخيوط التي كان القلائل يلتقطونها، لذا أصبحت هذه الشرفات محطة هامة في جريدتنا، وأصبحت مقروءة كل أسبوع من قبل المهتمين و أشخاص كثيرين.

ماذا أقول وأضيف..؟ عن محطاته الأسبوعية في الأسبوع الأدبي في القصة والرواية وعن أشياء أخرى.

باسم.. صخرة من هذا الوطن رسمت أبعاداً فيه، وخطوطاً لا تمحى عبر سنوات وسنوات في نفوس محبيه، وأصبح معلماً أدبياً برز لاسيما في السنين الأخيرة مازجاً بين السياسة والحزب والأدب، وقد تفاعل بكل جوارحه وإبداعاته بما يحدث في هذا الوطن العظيم.

باسم، أنعيه فرداً وكاتباً وصديقاً ورفيقاً يصعب أن يعوض..أنعى نفسي وأتعجب كيف صار أن نفقد مثل تلك الشجرة الباسقة وهي من أشجار وطننا الغالي، ومن قمم حزبنا التي نفتخر بها وسنظل نفتخر، وهي، مثل ما قال أحد الكتاب، من شموخ جبل قاسيون التي نراها مرفرفة في الأعالي وتُرى من البعيد.. إنه أديب كبير فقدناه.. وواحد من الرجال الذين فقدناهم.

ماذا نقول؟وما الذي سيعوضنا؟ أعتقد لا شيء.. لاشيء..، ولكن الذي سيعوضنا هو بقاء روحه خالدة خالدة لرفاقه ومحبيه.. وداعاً باسم، أيها الشجرة الباسقة..

العدد 1140 - 22/01/2025