مقابلة مع آرنه تشيلر رئيس الحزب الشيوعي في الدانمارك
أجرت «النور» مقابلة خاصة مع رئيس الحزب الشيوعي في الدانمارك الرفيق آرنه تشيلر، هذا نصها:
* كيف يرى الرفاق في الدانمارك الموجة العارمة من الإرهاب ليس فقط في الشرق الأوسط فحسب، بل في أوربا؟ وما هي برأيك مسببات ذلك؟
** نحن الشيوعيين لدينا شعار في غاية البساطة وهو: (من دون الحقيقة لا يوجد سلام)، والحقيقة هي: أن الحرب على الإرهاب كلها تتعلق بالمواد الخام والنقل والطاقة الجيوسياسية، والقوة الإمبريالية.
هنا لا بد من العودة إلى انتصار الثورة المضادة في الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية الأخرى، فبعد هذه الأحداث ادّعت الإمبريالية أننا كنا نواجه عصراً جديداً يتسم بالسلام.لكن منذ حرب الخليج الأولى في عام 1991 أصبح العالم يتسم بهجوم دموي واسع على رأسه الإمبريالية الأمريكية. وكما نعلم أن تنظيم القاعدة كان بدعة أمريكية، جماعة إرهابية مشتراة و قد تحولت الآن إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، والإرهابيون اليوم يتم تدريبهم وتمويلهم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وقطر والسعودية وفرنسا وإنجلترا وإسرائيل. وتنتشر الجماعات الإرهابية من أجل خلق التمرد وأعمال الشغب التي يمكن استخدامها ذريعة لغزو البلدان، كما حدث في سورية. الإرهاب في أوربا، الذي أُنشأته الإمبريالية، يستخدم ذريعة للتدخل المستمر من قبل الإمبريالية في سورية وغيرها من الدول، وفي الوقت نفسه يجري تنفيذ مزيد من الأحكام ذات الطابع القومي في أوربا، والمزيد من القمع والعنصرية وكراهية للأجانب في أوربا.
* برأيكم ما هو السبيل لحل الأزمة في سورية؟
** نحن الشيوعيين غالباً ما نُسأل ما الذي يمكننا القيام به فيما يتعلق بسورية؟ أولاً، حزبنا وأطياف أخرى من الشعب الدنماركي لا نعتقد أن الإمبرياليين ربما سيتوصلون إلى اتفاق في النهاية، وأن الأمم المتحدة ستخلق (تحالفاً كبيراً مناهضاً للإرهاب) لفرض النظام والأمن في سورية. ونحن لا نعتقد أن (جميع القوى العظمى) يمكنها الجلوس على طاولة واحدة وتشكيل جبهة مشتركة ضد الجهاديين. هنا مصالح الإمبريالية مختلفة جداً، وتنفيذ (القانون الدولي) هو أيضاً طريق مسدود. اليوم (القانون الدولي) هو أكثر رجعية وتعسفية من ذي قبل حينما كان النظام العالمي الاشتراكي. مجرد إلقاء نظرة على التفسيرات المرنة للمادة 51 في ميثاق الأمم المتحدة حول الدفاع عن النفس، التي أشار إليها كل من تلك الدول للتدخل عسكرياً في سورية.
ونحن نعتقد أن سورية يجب أن يكون لها استقلالها السياسي وتحديد مستقبلها. تهدف الإمبريالية لإسقاط حكومة الأسد الذي انتخب قانونياً، ومن ثم تقسيم سورية إلى أربع مناطق، الأمر الذي سيحوّل سورية إلى دولة ضعيفة، تعتمد على غيرها ومقسمة من أجل خدمة المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وإسرائيل. الأمر متروك للشعب السوري أن يقرر أيضاً ما إذا كان يريد الأسد أم لا، ولكن التغيير يجب أن يقرره الشعب السوري والطبقة العاملة، وهو دائما بهدف خلق الحرية والعدالة الاجتماعية والحفاظ على استقلال سورية وتعزيزه، الذي سيكون عملاً ثورياً لخدمة الشعب السوري والمنطقة بأسرها.
* القوى اليمينية نشطة جداً في أوربا، ويبدو أنها لا تزال تحصل على المزيد من الدعم. هل تعتقد أن ذلك نتج عن السياسة وتراجع الاقتصاد والمعارضة المتزايدة للاجئين؟
** لقد انتشرت الأزمة العامة للرأسمالية وانتشرت الأزمة المالية، وهذا كان له الضرر على الطبقة العاملة مالياً وكذلك اجتماعياً، ما أدى إلى تغيير وصعود القوى اليمينية في جميع أنحاء أوربا والصيد في الماء العكر، ووهم (الرفاه) الذي تعطيه الرأسمالية لا يزال موجوداً حسب ادعاء الطبقة السياسية الحاكمة وفي رأيهم الصراع الطبقي عفا عليه الزمن.
نحن الشيوعيين ليس لدينا أي شك في مكاننا في ما يتعلق بالنضال الوطني. حذر ديميتروف في سياق النضال ضد الفاشية من إهمال النضال الوطني. إلى حد كبير هناك مجال للتوتر إلى حد كبير بين ما نسميه (البلدين) داخل الأمة. هو مبني على الطبقة العاملة، على التضامن وليس على التقسيم مثل القوى المحافظة.
الاتحاد الأوربي هو مؤسسة الرأسمالية الاحتكارية التي تتجلى بصورة وحشية جداً في المثال اليوناني، وإذاً لا يزال ينبغي أن يحولوا الشعارات حول التضامن الدولي إلى عمل وذلك يتطلب تغييراً في الظروف يحول دون صعود القوى اليمينية، وهذا هو تعزيز الدول الوطنية، وبالتالي زيادة تأثير الطبقة العاملة على مستقبلها وإمكانية الاشتراكية.
* هل يمكن أن تعطي القراء السوريين لمحة قصيرة عن الحجم الذي يمثله الحزب الشيوعي الدانماركي في الحياة السياسية في الدانمارك؟
** الحزب الشيوعي في الدنمارك ينتمي إلى الطبقة العاملة ومبني على التضامن مع الطبقة العاملة والشعب. أعطى مؤتمرنا أيار (مايو) 2015 الأولوية لبناء حركة سلام واسعة وقوية، حركة ضد الجناح العسكري للإمبريالية الناتو. ونحن نعمل في كل مكان على جلب تحليلنا أن الحرب ليست الرد على الإرهاب، بل الحرب تخلق المزيد من الإرهاب، وأيضاً أن الرأسمالية تسعى إلى تأجيج الأزمة من أجل إطالة فترة الحرب مما يعني المزيد من الأرباح والأرواح. إننا ندين حروب الغرب في كل مكان: في الشرق الأوسط، في إفريقيا وأوربا الشرقية. وإننا نناشد الشعب الدنماركي أن يرفض مشاركة الدنمارك في الحرب ضد الشعب السوري.
ونحن نفعل ذلك بالتعاون مع الحركة الشيوعية الدولية والشيوعية الأوربية، وهذا ما حدث في اجتماعات في اسطنبول وبروكسل العام الماضي. ونحن نعمل ونطرح اقتراحات حول مصالح الطبقة العاملة ومن بينهم الأطفال، كما نعمل على تخفيض ساعات العمل من 37 ساعة عمل أسبوعياً إلى ،30 ورفع الحد الأدنى للأجور, وقد بدأ حزبنا في أيار(مايو) 2016 حملة في جميع أنحاء البلاد تهدف إلى إيجاد فرص عمل جديدة أمام الشباب.
بشكل عام نحن نعمل مع الرأي القائل بأن العمل الفكري والتعليم يجب أن يكون أولوية أعلى، ليس فقط في حزبنا ولكن في الحركة الشيوعية بأكملها في العالم. إن العمل للخروج من الاتحاد الأوربي هو نقطة حيوية في نضالنا والنضال الذي نقوم به جنباً إلى جنب مع العديد من الآخرين في (الحركة الشعبية ضد الاتحاد الأوربي).
* أرجو توجيه رسالة إلى أعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي السوري الموحد.
** نحن الشيوعيين الدنماركيين نتقدم بأحر تحياتنا للشيوعيين السوريين والشعب السوري، وأتمنى لكم النصر العاجل في المعركة ضد آلة الحرب الإمبريالية التي تهدف إلى تدمير الشعب والبلد. نحن نعدّ لرفع راية التضامن الدولي العالية وإعطائكم دعمنا الكامل في الحاضر والمستقبل.
تحية رفاقية….شكرا لك أيها الرفيق العزيز
حاوره: غانم بيطار