المسؤولون الأمريكيون.. بين تأسيس داعش والحرب الرحيمة ضدها!

 في الآونة الأخيرة وجّه المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب اتهامات للرئيس الأمريكي أوباما بأنه يقف وراء تأسيس تنظيم داعش الإرهابي وظهوره، وطالت الاتهامات أيضاً مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة هيلاري كلينتون التي يؤازرها أوباما. يدافع الرئيس أوباما عن نفسه بأن تأسيس داعش جرى في عهد الرئيس بوش الابن وليس في عهده.

على أية حال، يبقى الأمر المهم هو أن الإدارات الأمريكية في عهد بوش أو في عهد أوباما هي التي أسست داعش ورعتها، كما رعت سابقاً إنشاء تنظيم القاعدة في أفغانستان بتمويل سعودي، لقتال السوفييت.. ولكن الأخطاء التي ارتكبها أوباما في تعامله مع داعش تكاد تفوق أخطاء المسؤولين عن تأسسيها ممن سبقوه، وهي كثيرة ومنها:

1- تغاضيه عمداً عن تنامي قوة تنظيم داعش بسرعة كبيرة وخارقة أثارت دهشة العديد من المراقبين، بعد أن كان أضعف الجماعات المسلحة في سورية، وفجأة بات أقواها، بل أكبرها حجماً وقدرة على مقاتلة الجميع. هنا يبرز التساؤل حول دور الرئيس أوباما في ذلك التطور الغريب والسريع والمفاجئ الذي جرى في ظل رئاسته وتحت أعين أجهزة مخابراته.

2- من أين جاءت موارد تمويل داعش وتسليحه؟ هل كان مصدرها السعودية وقطر مع سكوت أمريكي عنه لتحقيق مصالح استراتيجية أمريكية، أم كان مصدره الولايات المتحدة نفسها برئاسة أوباما التي رأت في داعش حاجة لتحجيم تنظيم القاعدة الأم الذي عجز بوش عن استئصاله؟ هذا السكوت من أوباما عن التمويل لداعش كان خطأ كبيراً وأدى إلى غطرسة داعش وإمعانه في ارتكاب جرائم وحشية.

3- إن الرئيس أوباما قام بإعلان الحرب على داعش في أيار ،2014 ولكن شكلياً، أي لم يُقدم على أعمال عسكرية فعالة ضده.

4- أتاح أوباما لداعش في الفترة مابين 9 و12 حزيران ،2014 أي بعد قرابة 15 يوماً من إعلان الحرب عليه، احتلال ثلاث محافظات رئيسية في شمال العراق، شكلت إلى جانب الأنبار ما يقارب 40% من أراضي العراق، فأمريكا التي أعلنت الحرب على داعش تركته يسيطر على هذه المساحة الواسعة من الأراضي العراقية.. أليس هذا مستغرباً ومثيراً للتساؤلات؟ هذا بالرغم من أن أقمارها الصناعية وأدوات تجسسها لاحظت قيام داعش بالتحضير لهجوم كبير باتجاه هذه المحافظات، ولم تحذر الحكومة العراقية حول ما يجري.. وكانت النتائج خسارة لا ثلاث محافظات فقط، بل استيلاء داعش على كمّ كبير من الأسلحة العراقية تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات.

5- امتناع سلاح الجو الأمريكي عن قصف المواقع الجديدة لداعش في شمال العراق بحيث تعيقها عن تركيز قواها وبناء دفاعاتها، أي أن واشنطن وقفت موقف المتفرج ولم تتحرك ضد داعش إلا عندما بدأ تحرك داعش باتجاه إقليم كردستان، في تلك اللحظة فقط قصف الطيران الأمريكي قوات داعش وأجبرها على التراجع عن المناطق الكردية.

6- مما يؤكد عدم جدية أوباما في حربه على داعش، إعلانه أمام الكونغرس بأنه لن يرسل قوات برية لمحاربتها، بل سيكتفي بعمليات جوية محدودة بهدف تحجيم داعش، وبالفعل بدت حرب أوباما على داعش بأنها (حرب رحيمة)، حرب ضد صديق لا عدو، وذلك استناداً للكم الضعيف من الغارات الجوية الأمريكية، والتي لم تصل إلى عشر غارات يومياً، وبالتالي كانت حربه على داعش غير جدية.

ومما يجدر ذكره أنه بعد الشهر التاسع من عام 2015 عندما تدخلت القوات الروسية بشكل مباشر في الحرب على الإرهاب في الأراضي السورية، في هذه الحالة فقط، اضطرت القوات الأمريكية لزيادة غاراتها قليلاً، لأنها انكشف تقاعسها أمام التدخل الروسي.

إذاً، هذه هي مجموعة من الأخطار الفادحة التي ارتكبها الرئيس أوباما والتي تفوق أخطاء من أسس داعش بكثير، وبالتالي نعود لتأكيد ما أشرنا إليه في بداية الحديث، بأن معظم المسؤولين الأمريكيين الكبار متورطون في تأسيس داعش وفي دعمها وفي التغاضي عن جرائمها، وأنهم يستثمرون في الإرهاب عامة.

العدد 1140 - 22/01/2025