الهدنة مستمرة.. والمصالحات عامل حاسم
وقف الأعمال القتالية مازال قائماً، رغم خرقه مرات عديدة، وهذا ما دفع المواطنين إلى مزيد من التفاؤل بتغليب الحكمة ومصلحة سورية والسوريين على أي مسعى ضيق وأناني.
السوريون لم ينفردوا بإبداء التفاؤل، فقد جاء الموقف الدولي الإيجابي الذي عبرت عنه أوساط عديدة حول صمود الهدنة، مؤشراً على رغبة المجتمع الدولي بإنهاء سلمي وسريع للأزمة السورية وآلام الشعب السوري، رغم تفرّد بعض الأطراف المتدخلة في هذه الأيام بمواقف تصب الزيت على النار، فرغم تأكيد قرار مجلس الأمن الدولي حول الاتفاق الروسي الأمريكي على أن السوريين وحدهم يقررون مستقبل بلادهم، مازال آل سعود وحليفهم التركي وشركاء آخرون يحاولون وضع العراقيل، لمنع أي جهد سلمي حقيقي لإنهاء الأزمة السورية.
ونحن نرى أن الرد الفاعل على هذه المساعي الخبيثة هو الإصرار على إنجاح الهدنة كي تصبح أمراً واقعاً ومعترفاً به، والعمل على إحياء مبادرات في جميع الاتجاهات لتحقيق المصالحات الوطنية في مناطق البلاد بأسرها، هذه المصالحات التي ستؤدي الدور الرئيسي في استبعاد العودة إلى السلاح، واللجوء إلى لغة الحوار، وتغليب صمود الوطن وسلامة أراضيه ووقف نزيف أبنائه، ودعم صموده في وجه الغزو الإرهابي الفاشي.
الحذر مطلوب ليس فقط من نوايا التحالف السعودي التركي وشركائه، بل أيضاً وبدرجة توازيه، من جميع أصحاب المصلحة في استمرار الأزمة السورية في الخارج والداخل، من تجار السلاح وأمراء الحروب وتجارها وسماسرتها، والمتكسبين من استمرارها، هؤلاء الذين تجمعهم مع التحالف المعادي لسورية وشعبها المقاصد الدنيئة والرقص على آلام السوريين.
الوسيط الدولي ديميستورا مازال ينتظر ردود (الائتلافيين) لعقد جولة جديدة من المحادثات بين أطياف المعارضة والحكومة السورية، وهذا ما دعاه إلى تأجيل موعد هذه الجولة، وربما يلجأ إلى تمديد آخر بعد أن أعلن هؤلاء عدم استعدادهم لعقد هذه الجولة، وشنوا هجوماً عنيفاً على القوى الدولية الكبرى التي سعت إلى وقف الأعمال القتالية في سورية.
وسط هذا المناخ الدولي والداخلي المتفائل، يأتي الاستحقاق الدستوري الداخلي المتمثل في الانتخابات النيابية التي ستجري في الثالث عشر من شهر نيسان القادم، والتي نأمل أن تكون مناسبة لجمع كلمة السوريين ومكوناتهم السياسية الوطنية والاجتماعية والإثنية حول التصدي للإرهاب، وإنجاح المساعي السلمية لإنهاء الأزمة، والتوافق على مستقبل سورية الديمقراطي.. العلماني.
إن المشاركة الواسعة في هذا الاستحقاق والحرص على نزاهتها يوجهان رسالة إيجابية إلى المجتمع الدولي، بقدرة السوريين على تجاوز آلامهم، وبحرصهم على وحدة بلادهم، وعودة التآلف إلى جميع أطيافهم.
رغم جميع المؤشرات الإيجابية في الداخل والخارج، مازلنا في بداية الطريق الطويلة، فمازالت المسألة الوطنية الملحة اليوم هي القضاء على الإرهاب الفاشي، وتطهير سورية من الغزاة الإقصائيين، فأي حل سلمي لأزمتنا لن يُكتب له النجاح قبل إتمام هذه المسألة. الشعب السوري صامد في مواجهة الإرهاب، وجيشه الوطني يفرض إرادته على الأرض، والمستقبل خيار شعبنا وحده.