بيان إلى الشعب السوري الكريم من الحزب الشيوعي السوري الموحّد

 تجتاز البلاد، في هذه المرحلة، استحقاقاً نصّ عليه الدستور، متمثّلاً بانتخاب مجلس شعب جديد، وذلك ضمن المُهل القانونية والدستورية، وهذا بحدّ ذاته أمرٌ إيجابيّ وضروريّ.

إلا أن هذا الاستحقاق الدستوري، يأتي هذا العام في ظرف استثنائيّ بالغ التعقيد، فمايزال الإرهاب يضرب في عدد من المحافظات السورية، ويعيق، إضافة إلى بعض الممارسات الخاطئة، تطبيق العديد من القوانين والإجراءات اللازمة، فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحريته، وتسيير شؤون الدولة، وهناك فئة من أولئك الذين اعتادوا استغلال الأوضاع الاستثنائية من أجل تحقيق أرباح خيالية، بقوة النفوذ والمراكز التي يشغلونها في السلطة، أو في القطاعات التي يؤثّرون في مجريات أمورها.

وفي هذا السياق يتشكل تحالف الرأسمال مع أفراد من السلطة، للسيطرة على المفاصل الرئيسية للاقتصاد الوطني.. كل ذلك يجد انعكاساً له في التدنّي المستمر لمستوى معيشة العمال والفلاحين والموظفين الشرفاء، وتتحول حياة الناس إلى جحيم لا يطاق، إذ ينفلت وحش الغلاء من عقاله، وتُضاعَف الأسعار في كل يوم، بل وفي كل ساعة، مرّات ومرّات، دون رادع من ضمير أو رقابة أو حسٍّ وطنيّ.

إن انفلات الأسواق بهذا الشكل لهو تعبيرٌ عن ضياع بوصلة النهج الاقتصادي والاجتماعي، في هذا الوقت الذي يجب أن تُبذل فيه أقصى ما يمكن من جهود لإراحة المواطنين الصامدين بوجه الإرهاب، وبوجه المخطط الأمريكي- الصهيوني- الرجعي- التكفيري، والذين يدفعون يومياً ضريبة الدم دفاعاً عن القرار الوطني السوري المستقل، إلى جانب جيشهم العربي السوري الباسل، الذي يسير قدماً لاستعادة كل حبة تراب من أرض الوطن، بالتعاون مع الصديقة روسيا وإيران والمقاومة.

كما يأتي هذا الاستحقاق بالتوازي مع المساعي المبذولة لإيجاد حلول سياسية للأزمة في البلاد، التي تتخذ أبعاداً داخلية ودولية واسعة. إن شعبنا الذي قاوم الغزوة الإرهابية طوال خمس سنوات لن يسمح لها أن تأخذ بالسياسة ما عجزت عن أخذه بالقوة.

إن السير في طريق الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري، للانتقال بسورية إلى المجتمع الديمقراطي التعددي العلماني هو أمر تتطلبه الحاجة الموضوعية للشعب السوري والدولة السورية، ولا يجب النظر إليه كشرط من شروط المعارضة، وإن التشريعات التي يمكن الاتفاق عليها الآن مع المعارضة الوطنية يجب أن تعزّز النهج الوطني وتراعي الحريات للأحزاب والقوى الوطنية.. وإن ذلك يتطلب العمل من أجل:

* اعتبار الدفاع عن الوطن في مجابهة العدوان الإمبرياليّ الصهيونيّ العثمانيّ الرجعيّ، من جهة، وصدّ الهجوم الذي تشنّه عليه المجموعات الإرهابية التكفيرية المسلحة، من جهة أخرى، هو المهمة ذات الأولوية بين جميع المهام الأخرى.

* الحفاظ على وحدة الوطن أرضاً وشعباً، في مواجهة التقسيم الذي يهدّده، وضدّ جميع محاولات التفرقة على أسس طائفية أو مذهبية أو عرقية.

* إجراء تغيير عميق في بنية النظام السياسي، بغية الانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية علمانية وتقدمية، في توجّه نحو المجتمع الاشتراكي، تقوم على أسس المواطنة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وفصل الدين عن الدولة والسياسة.

* ضمان استقلالية المنظمات الشعبية والنقابات المهنية.

* سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وجميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات.

* الفصل التام والواقعي بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.

* زيادة الاهتمام بأوضاع أسر الشهداء والجرحى، وتقديم الرعاية والخدمات اللازمة لهم.

* إعطاء أهمية قصوى لمعالجة أوضاع المهجّرين داخل البلاد وخارجها، من جميع النواحي المادية والمعيشية والسكنية، بما يساعد على عودتهم إلى مساكنهم ومدارسهم وأعمالهم وحياتهم الطبيعية، وخاصة لجهة إعادة البنى التحتية الضرورية لذلك.

* اعتبار محاربة الفساد والمفسدين مهمة وطنية، فضلاً عن أنها مهمة اقتصادية واجتماعية وأخلاقية.

* الارتقاء بعملية التربية والتعليم، وبضمنها المناهج التعليمية، بما يساعد على خدمة احتياجاتنا الوطنية والاقتصادية (الإنتاجية) والاجتماعية، ونشر الفكر العلماني.

* تهيئة جميع عوامل إعادة إعمار البلاد ومستلزماتها، بما يحافظ على الاستقلال السياسي والاقتصادي للبلاد.

* دعم المواد وسلع الاستهلاك الشعبي، وحماية مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي.

* تعديل قانون الأحوال الشخصية بما يكفل حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل.

* معالجة قضايا الشباب وإيجاد فرص عمل لهم.

* ضمان حرية الإبداع الثقافي والفكري.

من أجل ذلك وغيره، نهيب بالمواطنين المشاركة الفعلية في الانتخابات التشريعية، التي ستجري في 13/4/،2016 والتصويت لقوائم الوحدة الوطنية والمرشّحين التقدميين الذين تتقاطع أهدافهم مع أهدافنا، لما فيه خير شعبنا ومصلحته.

الحزب الشيوعي السوري الموحّد

العدد 1140 - 22/01/2025