فرنسا تستمر في الكذب؟
بينما يحتفل السوريون بانتصار حلب، السلطات الفرنسية تتكلم عن كارثة إنسانية كبيرة في هذه المدينة.و بينما أبناء حلب فرحون بالتخلص من الإرهابيين بفضل الجيش السوري، فرنسا تبكي مصيرهم.
تشير الأمم المتحدة أيضاً إلى أعمال وحشية ترتكب بحق المدنيين من قبل الجيش السوري وحلفائه في حلب، وهذا دون أيّ دليل ملموس.
الإعلام الغربي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص يكتفي بالاستعراض على شاشته مقابلات عبر (سكايب) مع أشخاص لا نعرف من هم حقيقةً، ولا نستطيع أن نعرف أين يوجدون، وهم يؤكدون أنهم سيُقتَلون بين لحظة وأخرى من قبل الجيش السوري الذي يتقدم في أحيائهم.
لكن السؤال: لماذا الأمم المتحدة ومعها أوربا وفرنسا بالتحديد يرفضون بشكل جازم الإصغاء إلى المدنيين الذين يخرجون من أحياء حلب الشرقية، فهم من يملكون حقاً الحقيقة؟
لماذا لا يعتمد الإعلام الفرنسي على مقاطع أفلام مسجلة من قبل الجيش السوري لا نرى فيها أية أعمال وحشية لينطق بكذبه؟
القول ليلاً ونهاراً إن جيش بشار الأسد يقتل المدنيين في سورية، هو اعتبار الملايين من الناس أغبياء.
الإعلام الفرنسي يتهم هؤلاء بطريقة غير مباشرة بأنهم مجرمون، لأنهم متمسكون بدولتهم، ومؤيدون للرئيس الذي يصر الغرب على اعتباره- افتراءً- ديكتاتورياً.
كيف يمكن لجيش وطني أن يقتل شعبه منذ خمس سنين ونيف دون أن تتغير هذه الحالة من قبل الجيش نفسه وقيادته؟
لماذا يركز الغربيون بحملتهم على حلب متناسين عمداً المصالحات الوطنية التي تتم بين السوريين في عدّة مناطق تحت رعاية الدولة السورية والجيش السوري؟
المشكلة الكبرى هي أن الشعب الفرنسي عالق في فخّ الحملة الإعلامية الكاذبة تحت عنوان قتل المدنيين في حلب من قبل الجيش السوري والدفاع عن حقوق الإنسان.
إن الكذابين، المنافقين والشتامين، فرنسيين كانوا أم غربيين، ليس باستطاعتهم، العودة عن مخططاتهم الشيطانية في الشرق الأوسط وخصوصاً في سورية، فهم سيكذبون إلى نهاية المطاف، سيظلون بهذا المنطق العدائي، حتى نهاية الحرب في سورية وتغير أنظمتهم التي تتهاوى الواحد تلو الآخر.
عدد لا بأس به من وسائل الإعلام الغربية تتكلم بشكل دائم عن الحالة العصيبة التي يعيشها أهل أحياء حلب الشرقية، الذين يعانون من انقطاع الكهرباء، ومن نقص في الغذاء والدواء، والحاجات الاساسية، فكيف تنقصهم كل هذه الأشياء، لكن يجدون بسهولة غريبة إرسال إنترنت للاتصال بوسائل الإعلام الغربي، لكي يؤكدوا أن الجيش السوري سيقتلهم بين لحظة وأخرى؟ يا لهذا الوهم!
بعض وسائل الإعلام الفرنسية نظمت بوقاحة غير مسبوقة عبر الإنترنت استطلاع رأي، سائلين الفرنسيين رأيهم ببقاء الرئيس الأسد في الحكم. هذا الاستطلاع ليس إلا يقظة الحس الاستعماري من قبل منظميه.
بينما الدعاية الإعلامية الكاذبة تطلق عنانها، ها هو الحبر الاعظم البابا فرنسيس يرسل سفيره في سورية حاملاً رسالة مودة ومساندة للرئيس بشار الأسد في حربه ضد الإرهاب. ما الذي يمكن أن تقوله وسائل الإعلام الفرنسية؟ هل يمكن أن تقول إن البابا فرنسيس باع أيضاً ضميره لرئيس يقتل شعبه منذ حوالي ست سنوات؟
عدة عديدة من الفرنسيين، صحفيين كانوا، سياسيين أو مواطنين يؤكدون أن الانتصار في حلب، هو ليس إلا انتصار الرئيس بوتين. البعض الآخر يؤكدون أن هذا الانتصار، هو انتصار إيران وحزب الله في سورية. لا أحد منهم يعبر عن هذا الشيء كنصر لسورية وشعبها، وهذا ليس إلا بهدف عدم نسبة أيّ عمل إيجابي أو أيّ نصر للدولة السورية.
وصل الفجور الفرنسي إلى مستوى عالٍ جداً من الخطورة. فبعض الصحفيين، والمسؤولين، والمثقفين يتكلمون بالفم المليان عن داعش كثوار معتدلين. هل نسوا، أو يتناسون أن المجتمع الدولي صنف داعش منظمة إرهابية وفرعاً للقاعدة في سورية؟ التناقض في تصريحاتهم يصل إلى حد أنهم في الوقت نفسه يؤكدون أن فرنسا تضرب داعش في سورية والعراق. دون أن ننسى، أنه عندما يضرب الإرهاب في فرنسا، هم أنفسهم يسمون الإرهابيين داعش. فكيف يقبل العقل الفرنسي هذا الشيء؟
البعض في فرنسا يؤكدون أن المعارضة المعتدلة، لم تكن مسلحة بشكل سليم، وأن هذا هو السبب الأول والأخير لخسارتها في حلب.
لكن ما هذه المعارضة التي لم تكن مسلحة بشكل سليم، وكان وما يزال باستطاعتها قصف الطائرات الحربية، ودبابات الجيش السوري، ومناطق حلب الغربية، بصواريخ التاو،و الغراد وغيرها من القذائف والصواريخ؟
ليس لهم إلا أن ينظروا بشكل جدي إلى ما يجده حالياً الجيش السوري من مخازن أسلحة خفيفة وثقيلة في مناطق حلب الشرقية، والآتية جميعها من الغرب، وليست مصنعة محلياً؟
إن هذا الكذب الإعلامي خطير جداً حتى على الديمقراطية الفرنسية. إنه يبرهن عن خوف القادة الفرنسيين من اكتشاف الحقيقية من قبل الشعب الفرنسي. لكن هذا يبرهن أيضاً أن الأوربيين بالعموم والفرنسيين بالخصوص فقدوا المبادرة السياسية على الأقل في الشرق الأوسط.
فرنسا تكمل في منطقها الكاذب وتخرج من جواريرها رئيس بلدية حلب الشرقية. يجب فعلاً التحديد أن ليس هناك من رئيس بلدية في ما يسمى حلب الشرقية. هذه الكذبة خرجت إلى العلن عندما طلبت فرنسا مؤخراً من المجتمع الدولي تحويل أحياء حلب الشرقية إلى منطقة منفصلة عن سورية ومستقلة عن سورية. هل فرنسا تسعى إلى تقسيم سورية؟
المدعو رئيس بلدية حلب الشرقية، يتوسل العالم على وسائل الإعلام الفرنسية لمنح مدنيي حلب الشرقية الخروج من الأحياء، التي هم محاصرون فيها من قبل الجيش السوري، لكنه لا يحدد إلى أين يريد أن يذهبوا هؤلاء المدنيين الابرياء. وأنه لا يلفظ كلمة واحدة عن خروج أعداد كبيرة من مدنيي حلب الشرقية إلى أحياء حلب الغربية. السؤال الذي يخالجنا: لماذا مدنيو أحياء حلب الشرقية لا يذهبون مع ثوار المعارضة المعتدلين الكريمة إلى محافظة إدلب؟
اما بالنسبة إلى برج إيفل الذي لن تجري إضاءته ليلة واحدة تضامناً مع مدنيي حلب الشرقية الذين يقتلهم الجيش السوري وحلفاؤه، ليس شيئاً شديد الاهتمام. المهم ليس أن لا يضاء برج إيفل، بل عدم وصول الفكر التكفيري، الظلامي، المنحرف إلى فرنسا بسبب سياسات قادتها في الشرق الأوسط وخصوصاً في سورية. فهذا ما سيحدد نوعاً ما مصير المجتمع الفرنسي ومستقبله.