الكهرباء في طرطوس.. فقدان العدالة في التقنين
سنوات من عمر الأزمة مضت عانى فيها المواطن السوري الكثير، وتعرّض لكل أنواع الخسارات البشرية – وهي الأهم – والخسارات المادية والمعنوية، وكان على الدوام لسان حاله يقول: اللهم نجّنا من الأعظم وأخرجنا من هذا البلاء.
وإذا كنا قد فجعنا بنعمة الأمن والأمان التي كانت سورية على الدوام سيّدة فيها، فإن المواطن في سورية عامّة وطرطوس خاصّة قد فجع إضافة إلى كل هذا ببعض المسؤولين الذين لم يتورّعوا عن زيادة مشكلاته وإضافة همومٍ أخرى إلى يومياته، ضاربين عرض الحائط بالقليل من العدالة التي تساوي بين المواطنين.
لن نعدّد ما يتعرّض له المواطن من إذلال في قطاع النقل بطرطوس، فقد كانت (النور) سبّاقة إلى إطلاق الصوت عالياً للحد من ظاهرة الفوضى في قطاع النقل، ولتأمين نقل المواطنين من وإلى مراكز المحافظة وحتى من المحافظة إلى المناطق والقرى التابعة لها.. ولن نتحدّث عن قطاع التربية والخلل الكبير الحاصل في المدارس سواء من خلال توزيع الطلبة على الصفوف، والخيار والفقوس في هذا أو من خلال الساعات التي تعطى لمدرسين من خارج الملاك، أو لطلبة جامعيين لم يتخرّجوا بعد، ولن نتحدّث عن التنقلات التي تتم بين العاملين في قطاع التربية.
ولن نتطرّق للفوضى في الجانب البيئي والخلل في عمل بعض البلديات ومشكلات الصرف الصحي، ونقل وتجميع القمامة على مستوى المحافظة والبلديات والبلدات التابعة لها، حالة الطرق المترديّة في بعض المناطق،كما هو الحال في صافيتا مثلاً.
سأفرد مقالتي هذه للفوضى وقلّة العدالة في توزيع الكهرباء بين حي وآخر في طرطوس وبين منطقة وأخرى، وبين قرية وأخرى.
السيد عيسى من الدريكيش يتحدّث عن هذا الجانب بالقول: أملك محل سمانة، وقد خسرت في الصيف الماضي آلاف الليرات من خلال تلف كميات كبيرة من البوظة في محلّي، فمن غير المنطقي أن تصل ساعات التقنين إلى هذا الحد، لا أحد يسمع صرخاتنا، وقد راجعنا أكثر من مسؤول في المحافظة ولكن دون أية فائدة.
السيدة زينب (ربة منزل) تحدثت عن خسارة كل ما أعدّته العام الماضي من مونة في الصيف، فالبراد الذي كان يحتوي على ما يمكن أن يخفف من المصروف في الشتاء كمونة بات في حاوية القمامة بعد الانقطاعات الطويلة في الكهرباء، والتقنين القاسي والشيء الذي يدعو للتساؤل: لماذا كل هذه المزاجية في توزيع الطاقة الكهربائية، فعندما أرى ساعات التقنين في مناطق مجاورة لنا أشعر بالمرارة حقيقة؟!. لا عدالة في توزيع الكهرباء في طرطوس بين منطقة وأخرى فإلى متى؟!
حسن محمد (طالب جامعي): من المعيب أن يحصل كل هذا فالكهرباء في الحي المجاور لنا تتمتع بعدد ساعات للتقنين أقل مما هو الحال عندنا، وإذا كان أحد المسؤولين يسكن في ذلك الحي فهل يعني هذا ألا يخضع للتقنين كبقيّة الأحياء في المحافظة؟!
أبو نضال صاحب مكتبة قريبة من إحدى الدوائر الرسمية تحدّث عن خسارته من جراء الانقطاعات الكهربائية الطويلة، فاعتماده على التصوير لبعض الوثائق هو الذي يؤمن له ما تحتاجه الأسرة لاستمرارها في الحياة وبعد أن أصبح التقنين لساعات طويلة ودون عدالة في التوزيع بات بحاجة إلى عمل إضافي وهو يفكر جديّاً في إغلاق المكتبة ومزاولة عمل آخر.
منى المحمد (موظفة): الحديث عن الواقع الكهربائي في طرطوس حديث يدخل الكآبة إلى النفس، فتخيل أننا أصبحنا نطلب منهم تزويدنا بما يكفي كي نقوم بشحن أجهزة الخليوي للاطمئنان عن أبنائنا في محافظات أخرى، سواء الذين يتعلمون في الجامعات أم الذين يتصدون للجماعات الإرهابية.
ساعات التقنين وعدم العدالة في التوزيع لم تعد تكفي لشحن المدخرات في البيوت فهل يصح هذا؟!. في حين نراها في المشتى وصافيتا مثلاً أقل انقطاعاً مما هي عليه عندنا.
وكما ذكرنا سابقاً فإن (النور) كانت قد نبّهت إلى ما يجري في هذا المجال في طرطوس والى حالة خيار وفقّوس التي يتم فيها توزيع الطاقة الكهربائية في المحافظة وإلى انعدام العدالة في التقنين في مركز المحافظة بين حيّ وآخر وفي المناطق بين منطقة وأخرى وقرية وأخرى.
في لقاء سابق مع مدير عام الكهرباء بطرطوس الأستاذ مالك معيطة، والحديث عن واقع الكهرباء والمزاجية في التقنين والتطرّق إلى معاناة الشيخ بدر والدريكيش بشكل خاص من هذا التقنين، كان رد الأستاذ مالك بأن هناك حماية تردّدية قد ركّبت على خط الشيخ بدر الدريكيش وفي حال الحمولات الزائدة يتم قطع الكهرباء بطلب من دمشق لهذا الخط، وأنه مع فكرة إلغاء هذه الحماية، وقال بأن توجيهات وزير الكهرباء قد أكّدت بشكل شفهي ضرورة إلغاء هذه الحماية، وعند السؤال عمّن يقف في وجه عدم تطبيق كلام السيد الوزير كان الجواب بأن الأمر مرتبط بالمحطة والمسؤول عنها.
اتصلنا مع المهندس المذكور وكان ردّه بأنه سيقوم بإلغاء هذه الحماية في حال استلامه كتاباً من المدير العام يطلب منه صراحة ذلك.. وبالفعل قمت شخصياً بنقل الكتاب المذكور الذي يطلب فيه المدير العام لشركة كهرباء طرطوس إزالة الحماية الترددية عن خط الشيخ بدر الدريكيش، لكن الذي حدث أنه لم يتغيّر أي شيء بالرغم من الوعود والاتصالات الكثيرة والتي كانت آخرها قبل كتابة هذه المقالة بيومين، حيث اضطررنا إلى التواصل مع المدير العام لمؤسسة الطاقة – كما أبلغونا – الأستاذ نصوح سمسمية بدمشق الذي كان متفهّماً ومتعاوناً إلى أقصى الحدود فقد اتصل مشكوراً بالمهندس المذكور، وطلب منه معالجة الأمر بالسرعة القصوى، واعتماد العدالة في تركيب هذه الحماية على الخطوط في حال الضرورة.
أخيراً: إلى متى تبقى المزاجية هي المسيطرة على عمل العديد من المديريات في طرطوس؟ وهل نحن بحاجة إلى أن نزيد من هموم المواطنين بدلاً من السعي لإيجاد الطرق الكفيلة ببلسمة الجراح وطمأنة النفوس؟!.
سؤال برسم المعنيين في طرطوس.