حول مؤتمر (سوتشي) المرتقب؟
أيام قليلة بقيت لانعقاد مؤتمر الحوار السوري- السوري في (سوتشي) الذي دعت إليه روسيا الاتحادية، وعملت من أجله، منذ بضعة أشهر خلت، وما من شك، في أن السوريين بكل أطيافهم وشرائحهم يعلقون أمالاً كبيرة على أن يخرج هذا المؤتمر بنتائج إيجابية تسهم في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يقوم على قاعدة المحافظة على وحدة الدولة وسيادتها وأمنها، وانتهاء المعاناة التي تعرض لها السوريون على مدى سبع سنوات تقريباً، بسبب الإرهاب التكفيري الأسود الذي قتل ودمر وهجر وارتكب أبشع الجرائم والموبقات بحق السوريين، بدعم أمريكي- إسرائيلي- تركي- سعودي- قطري.
جدير بالذكر أن مؤتمر (سوتشي) هذا ستحضره أطياف واسعة من المجتمع السوري والدولة السورية تمثل كل مكوناتهما السياسية والحزبية والقومية والدينية والاجتماعية من دون استثناء.
ولكن ما يلفت النظر، هو الجدل الدائرة حول هذا المؤتمر منذ الإعلان عن عقده، وحتى قبل أن يُعرف جدول أعماله، والبنود التي سيبحثها ويناقشها.
إن بعض من يسمون أنفسهم بالمعارضة السياسية الخارجية، ممن يقبعون في فنادق الرياض وقطر وغيرها من الدول الغربية وتركيا، ادّعوا أن معارضتهم لعقد مؤتمر (سوتشي) وعزمهم على مقاطعته تعود لعدة أسباب أهمها، حسب زعمهم:
– أنه يتعارض مع مسار جنيف، ويهدف إلى تعطيله، بل يقولون إنه سيكون بديلاً عنه.
– الادعاء بأن روسيا التي دعت إليه وأعدت له بالتنسيق مع إيران وتركيا، هي طرف في الأزمة السورية، وذلك من خلال دعمها للقيادة السورية، وبالتالي سيكون المؤتمر موجهاً من قبلها، من حيث الحوار الذي سيجري فيه ومن حيث نتائجه.
لاشك بأن مثل هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، ولا تصب في مصلحة الشعب السوري الذي ينتظر بفارغ الصبر أن يعود الهدوء إلى بلاده، وأن يتخلص من جرائم الإرهاب، فالادعاء بأن مؤتمر سوتشي سيشكل بديلاً عن مسار جنيف غير صحيح، فالروس الذين دعوا إليه أكدوا أن نتائجه ستؤدي إلى تفعيل مفاوضات جنيف لمناقشة جميع المسائل المختلفة عليها، وصولاً إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 من دون أي شروط مسبقة.
الشيء المهم الآخر، أن روسيا حاربت الإرهاب في سورية وهزمته تقريباً، ودفعت لقاء ذلك ثمناً من دماء جنودها، وقدمت المساعدات الهائلة للسوريين في مختلف المجالات، وأحدثت، بالتنسيق مع إيران وتركيا، مناطق خفض التصعير والتوتر في أكثر من محافظة ومدينة، ما أسهم في تخفيف حدة القتال وسفك الدماء، إضافة إلى قيام مركز (حميميم) للمصالحة، بإنجاز مئات المصالحات وانضمام فصائل وقرى ومدن كثيرة إلى هذه المصالحات، ومايزال هذا الجهد مستمراً حتى الآن.
إذاً، روسيا كانت عاملاً إيجابياً من خلال حضورها في سورية ودعمها لها، ولم تكن طرفاً في الأزمة السورية على غرار الولايات المتحدة والسعودية وقطر وغيرهم.
وفي سياق المساعي الأمريكية والسعودية للتشويش على مؤتمر (سوتشي) والتصدي له، أعلن من يسمون أنفسهم بالمعارضة السورية، عن عزمهم عقد ما وصفوه (الملتقى الوطني الثوري السوري) في بعض المناطق السورية وفي دول أخرى عربية وأجنبية في الزمن الذي سينعقد فيه مؤتمر (سوتشي) بزعم حماية ما وصفوه بأهداف ثورة الحرية والكرامة) وهنا نقول لهؤلاء إن عملاء أمريكا وإسرائيل والسعودية وقطر وتركيا ليسوا أحراراً ولا يمتلكون ذرّة من الكرامة.
بطبيعة الحال، إن مثل هذا التحرك ضد (مؤتمر سوتشي) أمر متوقع، وهو ليس من بنات أفكار معارضة الرياض وتركيا وغيرها، بل هي فكرة أمريكية سعودية، ولكن لن يُكتب لها النجاح، فمؤتمر سوتشي سيلتئم في موعده، وسيخرج بنتائج إيجابية تسهم في إيجاد حل مقبول للأزمة في سورية الناجمة عن الحرب الإرهابية عليها، ولن يستطيع مثل هذا الملتقى المصنع من قبل دوائر السياسة الأمريكية والغربية والسعودية أن يؤثر على مؤتمر الحوار السوري- السوري في (سوتشي).