إذا زلزلزت الحكومة زلزالها ..(رؤيا)…

في لحظات سماوية خارج حدود الوعي الإنساني، وثوانٍ خاطفة تهيم بهم إلى عوالم يستيقظ فيها الوجدان والعاطفة البشريين..في تلك اللحظات بالذات صحا ضمير المسؤولين في الحكومة السورية (حكومة الحرب) التي أسقط الشعب أوجاعه وآلامه ودماءه كلها على ضمير كل مسؤول في هذه الحكومة الاستثنائية وذاته.. صحوة الضمير تلك جعلت  حالهم ولُغة قلوبهم تقول: (إنها الشرارة الالهية الموجودة فينا جميعاً، شرارة الخير والأصالة السورية لمدّ حبال النور نحو فقراء بلدنا الذين نالت الحرب من أرواحهم قبل أجسادهم، فلنرفق بقلوبهم المسجّاة على مذبح تضحياتهم، ولنعمل على قلب موازيين الحياة الحالية بكل منغصاتها، ولنعلن الزلزال الشامل زلزال الحكومة السورية:

لقد تحمل شعبنا مالا طاقة لمخلوق في هذا العالم بتحمّله، لقد صمدوا وصابروا وقدموا أبناءهم وأنفسهم فداء للوطن، فكان الجرح الأكبر، أما الجراح الأخرى فكانت مادية نوعاً ما نتيجة التهجير وتدمير المنازل والنزوح والاضطرار إلى استئجار البيوت التي أضحت باهظة الثمن ومرهقة لمحدودي الدخل، وما زاد العبء والأسى كان ازدياد الأسعار إلى الأضعاف عما كانت عليه نتيجة الحرب، مما اضطر شعبنا المسكين إلى شد الأحزمة على البطون.. لقد جاع الشرفاء في أرض الخير والبركات أرض التين والزيتون والقمح. ولأننا منهم وإليهم، ولأن آباءنا من تلك الطبقات الفقيرة وأجدادنا من فلاحيها القدماء الذين عمروا الأرض، لذلك قررنا -نحن رئيس الحكومة وأعضاءها- أن نزلزل الأرض من تحت أقدام الفاسدين بالدرجة الأولى:

ستكون أول خطوة في أولويات ذاك الزلزال أن يحاسب وبقسوة كل من يتلاعب بلقمة البسطاء وما أكثرهم! سنحاسب من يتلاعب بالليرة السورية والمستفيد من فرق العملة والذي كانت له اليد السوداء في تخريب الاقتصاد الوطني السوري. لأن ضبط السوق يعني استقرار الأسعار فيما بعد.

الخطوة الثانية ستكون سوطاً من نار وحمم سنضرب به التجار والمحتكرين للبضاعة الذين لا يشبعون ولن يشبعوا.. وهؤلاء لابد من محاسبتهم الحازمة لكبح جماح هوسهم بجمع الأموال على حساب الناس.

الخطوة الثالثة ستكون العمل الجاد والدؤوب على زيادة الأجور للعاملين في القطاعين الخاص والعام مع بذل الجهود لفتح باب الوظائف للشباب العاطل عن العمل نتيجة الأزمة.

الخطوة الرابعة ستكون في ترشيد النفقات بدءاً منا نحن الوزراء والمسؤولين، والتغاضي عن لزوميات الترف، فنحن في حالة حرب وليكتفِ كل مسؤول بسيارة واحدة مع محاولة تخفيض فواتير الاستقبالات والبروتوكولات الشكلية..

الخطوة الخامسة: العمل الميداني يجب أن يكون من أولوياتنا، النزول إلى الشارع ومشاهدة الأوضاع بأم العين وملاحقة كل منغصات حياة المواطنين يجب أن يكون سلوكاً في حياتنا فنحن المسؤولون عن راحة الشعب.

الخطوة السادسة: عين من رحمة وفيض من إنسانية تجاه ذوي الشهداء والجرحى في الجيش العربي السوري، تلك العوائل التي قدمت أغلى ما تملك أسر فقيرة من منبت فقير، فالأجدر أن نلتفت بحنوّ نحوهم، فنبلسم جراحهم ونطيّب خواطرهم بتقديم مساعدات متواصلة لا تنقطع..

الخطوة السابعة: دعم المشروعات الصغيرة وتمويلها مع الاهتمام بدعم الصناعات المتوسطة والصغيرة والاهتمام بالصناعة الزراعية تحديداً.

الخطوة الثامنة: تعزيز موارد الدولة عبر الاستيراد المدروس مع تشجيع لتصدير ما تنتجه أرضنا وخاصة أننا أرض الليمون والزيتون والزيت.

الخطوة التاسعة: تفعيل دور الإعلام وجعله شفافاً يلامس الواقع ومنبراً يتنفس من خلاله المواطنون حرية الرأي، والمجاهرة بأسماء كل الفاسدين كي تتم محاسبتهم.

الخطوة العاشرة: مدينة فاضلة أهم من مدينة أفلاطون لأنها قائمة من تحت رماد الحرب. بلد اتحد فيه فقراؤه بأغنيائه.. ولحظة وقف الزمن المادي فيها فوقف معه ضمير المسؤولين في الحكومة السورية الحالية، فاتخذوا كل تلك الإجراءات فزلزلوا زلزالهم وأخرجوا أثقالهم، فكانت تلك المدينة الفاضلة التي نأمل أن نحيا جميعنا فيها…

العدد 1140 - 22/01/2025