الشعارات تتبخر.. ويبقى وجه الإدارة الأمريكية قبيحاً
كما هي العادة، تتبخر الوعود، وتتناسى الماكينات الانتخابية للمرشحين الشعارات التي أطلقتها في حملاتها، وينفّذ الرئيس الأمريكي الفائز، سواء كان ديمقراطياً أم جمهورياً، ما تقررّه الطغمة المالية، الصناعية العسكرية.. الصهيونية.. وحسب اعتقادنا فإن الجوهر العدواني للسياسة الأمريكية سيستمر بعد فوز ترامب، وكذلك نوايا الهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتصنيع المعارضات، ونهب الثروات الوطنية للشعوب، والتلويح باستخدام القوة العسكرية أو استخدامها بالفعل، كل ذلك نتوقعه حاضراً في السلوك السياسي للولايات المتحدة على الصعيد الدولي.
فيما يتعلق بنا نحن السوريين المتألمين من تداعيات الأزمة والحصار الاقتصادي والغزو الإرهابي، ومحاولات تقسيم بلادنا، لا يكفينا بضع كلمات عن محاربة الإرهاب كي نرفع القبعة للسيد ترامب، فقد تعهّد أوباما قبله بضرب الإرهاب، لكنه ترجم تعهداته بفتح ترسانة أمريكا العسكرية لدعمهم، وأرسل خبراءه لمساندتهم لوجستياً، وعارض الفصل بين الإرهابيين والمعارضين، وقصفت طائراته الحربية مواقع الجيش السوري كدعم للدواعش في دير الزور.
إن الواقعية التي كانت أحد شعارات حملة ترامب، تتطلب منه العمل على إنجاح المساعي السلمية لإطفاء بؤر التوتر في العالم، وبالدرجة الأولى نسيان التلويح بالعصا الغليظة، والعودة بدل ذلك إلى إحياء المبادرات السياسية التي أطلقتها روسيا لإنهاء الأزمة السورية، وكانت الإدارة الديمقراطية تنصّلت منها بهدف التصعيد، وحماية لإرهابييها (المعتدلين)، كاحتياطي جاهز لتنفيذ مخططات الهيمنة وتقسيم سورية، والواقعية تتطلب منه أيضاً تمكين السوريين من اختيار نظامهم السياسي وقادتهم ومستقبلهم دون تدخّل الخارج، على قاعدة مكافحة الإرهاب أولاً.
المواطنون السوريون يعوّلون اليوم على استمرار النجاحات التي يحرزها جيشهم الوطني الباسل في مواجهته للإرهابيين، وفي كل يوم تزداد المجموعات الإرهابية تقوقعاً، وتزداد بالمقابل آمال السوريين بقدرة جيشهم على طرد الغزاة التكفيريين، ووضع سورية على سكة الحل السياسي الذي يضمن وحدة الأرض السورية وسيادتها وتوافق السوريين.
لن ننتظر تغييراً دراماتيكياً في السياسة الأمريكية، بل نتوجس خشية انغماسها أكثر فأكثر في نزيف دماء السوريين والعراقيين واليمنيين والليبيين، وشعوب العالم الأخرى، وستتبخر شعارات الحملة الانتخابية، ويبقى وجه الإدارة الأمريكية قبيحاً.. قبيحاً.