سيارات الأجرة دواء بطعم العلقم

في سورية كل شيء يبقى على حاله، فلا نشهد اختلافات جذرية نحو الأفضل وإن وجد الاختلاف يكون بطيئاً محاطاً بالعقبات، لهذا تتتالى أزمات المواطن السوري.. وبضمنها أزمة المواصلات والنقل الداخلي، وعلى وجه التحديد معضلة سيارات الأجرة وأصحابها المتمردين على التعرفة المفروضة، ومهما تكلم المواطن  فلا يجد أذناً تسمع ولا حكومة تصغي لنداءاته المتكررة وتضع حداً لهذه التجاوزات وضوابط لهذه المخالفات.

ففي ظل الازدحام الشديد والمستمر على باصات النقل الداخلي وشبه الغياب لقطاع النقل الداخلي نجد المواطنين محاصرين من عدة اتجاهات ولا يوجد منفذ من هذا المأزق سوى سيارت الأجرة التي تبقى بالنسبة للمواطن السوري الحل الأخير، بسبب المبلغ (الخيالي) الذي سيقتطعه من دخله المحدود مقابل هذه الخدمة، بعد شعوره باليأس بسبب انتظاره على المواقف.

إن غياب الرقابة على تعرفة سيارات الأجرة سبب حالة من الفوضى والاستغلال من قبل معظم السائقين، إذ تبدأ (المفاصلة) على أجرة الطريق بين الراكب والسائق، والأبرع هو من يستطيع أن ينهي الاتفاق لمصلحته، وكثيراً ما يرفض بعض سائقي سيارات الأجرة المبلغ الذي يعرضه الزبون ويصرون على المبلغ الذي طلبوه، فلا يصلان إلى اتفاق يرضيهم ويفضلون أن يتركوه على قارعة الطريق، والانطلاق فارغين على أمل اصطياد راكب آخر مضطر للوصول إلى المكان الذي يبتغيه بأسرع وقت، فيوافق قسراً على دفع ما يطلبه السائق ليرضي جيبه، فقد يصل الاتفاق إلى  دفع ٥٠٠-٧٠٠ ليرة لمسافة لا تتجاوز ٤ كم، وقد يطلب مقابل مسافة أبعد بقليل مبلغ يتراوح بين ١٠٠٠-٣٠٠٠ ليرة، ليبقى المواطن أسير أمرين: إما الرضوخ لطلب أصحاب سيارات الأجرة أو الانتظار والانتظار عند موقف الباص أو السرفيس حتى يصيبه القليل من الحظ ويجد مكاناً على (طبلية)  يريحه من عذاب إهدار الساعات.

سائق سيارة الأجرة يبرر الأمر بأنه مجبر على طلب هذه المبالغ، فلديه مصاريف دائمة لا يستطيع التهرب منها، كثمن البنزين.. وتكاليف الصيانة وقطع الغيار التي أصبحت غالية الثمن، هذا إن لم نحسب المخالفات المرورية التي يتعرض لها ظلماً، فضلاً عن الوقت الذي يضيع في الطرقات المزدحمة، (فنضطر أن نرفع أجرة خدمتنا لمجاراة تكاليف صيانة السيارة، فنحن أيضاً لدينا أسر علينا إعالتها).

فكيف سيستطيع المواطن مواصلة حياته في ظل هذه الفوضى التي يتسم بها عصب الحياة الرئيسي (النقل الداخلي) ويؤثر سلباً على معيشة السوريين؟ إن هاجس إيجاد وسيلة النقل المناسبة لدخل المواطن يرافقه باستمرار، والحيلولة دون ركوب سيارات الأجرة أصبح صعباً، وباءت بالفشل كل طلبات المواطنين من الحكومة  إيجاد حل يرضي جميع الأطراف، ويستمر المواطن بدفع ضريبة هذا التأخير غير المبرر، فالحكومة شبه عاجزة عن ضبط أسعار خدمة سيارات الأجرة وفرض تعرفة مناسبة، وهي أيضاً لا تقدم بديلاًً يساعد المواطن على احتمال المشقة اليومية لاستخدام المواصلات بزيادة أعداد باصات النقل الداخلي وتسييرها لتخدم مناطق أكثر لساعات أطول، وعلى وجه التحديد في أوقات الذروة.

 ونبقى على أمل إيجاد حلول ناجعة تقي المواطن من مغبة الاختيار بين أمرين أحلاهما مر: الأول أن يستقل سيارة أجرة تستحوذ على ما في جيبه، أو الانتظار لوقت غير محدد.

عالجوا أزمة النقل العام!

 أعيدوا العمل بعدادات سيارات الأجرة، وكفى المواطن السوري معاناة السنوات السبع!

 أعيدوا إلى المواطن شيئاً من الأمل بغده، فهذا جوهر عمل الحكومات!

 

 

العدد 1140 - 22/01/2025