حول القرار الجديد 2401

 إن المتابع لمناقشات مجلس الأمن الدولي في الأيام الأخيرة لمشروع القرار الذي تقدمت به الكويت والسويد بشأن وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية، وكذلك المناقشات في الجلسة التي جرى التصويت خلالها بالإجماع عليه، ليصبح كما أسموه القرار رقم،2401 يلاحظ بشكل موضوعي أن هذه المناقشات وبضمن ذلك كلمات غالبية المتحدثين، ما عدا كلمات المندوب الروسي والمندوب السوري والمندوب الصيني- أن هذه المناقشات والكلمات كانت بعيدة كل البعد عن الموضوعية والدقة، بل وتحمل بين ثناياها طابع العداء لسورية وحلفائها الروس والإيرانيين، وتعكس أبشع صور التحيز والازدواجية في المعايير، حتى أننا لا نبتعد عن الحقيقة، إذا قلنا إنها تحابي المجموعات الإرهابية ورعاتها وداعميها ومموليها، والسؤال: لماذا؟ وكيف؟

– المناقشات تمحورت حول الأوضاع في الغوطة الشرقية فقط، مع التجاهل الكامل لقذائف الغدر والإرهاب التي أمطر بها الإرهابيون من الغوطة الشرقية مدينة دمشق وريفها، مستهدفين المنازل والساحات والشوارع والمشافي، ما أدى إلى وقوع المئات من الضحايا ما بين شهداء ومصابين، بينهم الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ، وكأن الغوطة الشرقية فقط أهم من ملايين السكان في دمشق وريفها، ومع تجاهل أيضاً لمسألة مهمة وهي أن الإرهابيين مطلقي هذه القذائف من جبهة النصرة والعصابات المسلحة المتحالفة معها، يتخذون من المدنيين في الغوطة الشرقية دروعاً بشرية لاتهام الجيش السوري بقتلهم، علماً بأن هؤلاء المدنيين يعانون الأمرّين من هؤلاء الإرهابيين الذين يفرضون عليهم الحصار ويمنعونهم من الخروج إلى مناطق آمنة أو المغادرة للعلاج، فضلاً عن نهب ممتلكاتهم، وبيعهم بعض الحاجات الغذائية والدوائية بأسعار فلكية.

– إن محطات الفتنة مثل (العربية) و(الجزيرة) وغيرهما تعتبر هؤلاء الإرهابيين (ثواراً) يطالبون بالحرية، وتتجاهل على سبيل المثال لا الحصر، قصفهم بالقذائف لمشفى الزهراوي في حي القصاع، الذي أطلقت عليه قذيفتان ضمن أكثر من خمسين قذيفة طالت آنذاك أحياء سكنية في دمشق وريفها، وصل عدد ضحاياها إلى عشرات الشهداء والمصابين، كذلك تجاهل مجلس الأمن في مناقشاته قصف هذا المشفى في اليوم الأول لمناقشته مشروع القرار الكويتي- السويدي، أيضاً، تجاهل قيام الإرهابيين في الغوطة الشرقية وغيرها بمنع وصول المساعدات إلى أهاليها، وإن وصل منها القليل يسطون عليه ويسرقون لتوزيعه على أتباعهم أو بيعه بأسعار عالية للسكان.

– إن الإلحاح على هذا الاجتماع للمجلس، وتقديم مشروع القرار المذكور، إنما جاء ذلك كله بعد التقدم الذي حققه الجيش السوري في الغوطة الشرقية، هذا التقدم أزعج رعاة الإرهاب، بدءاً من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وصولاً إلى عملائهم في إسرائيل والسعودية وقطر، فأوعزوا لهذه المجموعات الإرهابية بإطلاق المزيد من القذائف، وبعد هذا الإيعاز راحوا يتباكون عليهم ويدّعون أن الشعب السوري يعيش في (جحيم) كما جاء في كلمة المندوب البريطاني بعد التصويت على القرار 2401 وقد تناسى جرائم بلاده بحق سورية والعراق وفلسطين وغرينادا وغيرها.

– لوحظ أن المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي لم تتخلَّ عن وقاحتها المعهودة، فقد اعتبرت في كلمتها بعد التصويت على القرار أن روسيا وسورية وإيران دول (مذنبة)! أما دولتها التي ترتكب المجازر بحق السوريين من خلال قصف طائراتها للمدنيين في دير الزور والرقة وغيرها من المواقع السورية المدنية والعسكرية فهي غير مذنبة! فضلاً عن دعمها لفلول داعش المندحرة وإنقاذ قادتها ومجرميها..

بالطبع الكل يعلم أن روسيا هي من دحرت داعش في سورية وكبدت المتحالفين معها من الإرهابيين خسائر فادحة وأضعفتهم إلى حد كبير، وأن مساعدتها لسورية عسكرياً جاءت بطلب من الدولة السورية، بينما الوجود الأمريكي في سورية هو احتلال مباشر وكريه.

– إن المندوبين الأمريكي والفرنسي والبريطاني خاصة الذين يتباكون على الغوطة الشرقية هذه الأيام، هم آخر من يحق لهم الكلام عن مساعدة الدول والشعوب، لأن دولهم استعمرت واستعبدت هذه الدول والشعوب ونهبت خيراتها، وبالتالي فإن ادعاءاتها بأنها حريصة على الاستقرار وعلى الحريات وعلى الديمقراطية، هي مجرد تضليل، وشعار للعودة من خلاله لإحياء الأطماع الاستعمارية من جديد.

وعندما يلح هؤلاء المندوبون على ضرورة تنفيذ هذا القرار الجديد، عليهم أن يتذكروا – كما ذكّرهم بذلك المندوب السوري د. بشار الجعفري في كلمته- أن دولهم هي التي حالت دون تنفيذ 29 قراراً لمجلس الأمن منها 13 قراراً بشأن مكافحة الإرهاب، وبالتالي على دولهم أن تتوقف عن دعم المجموعات الإرهابية في سورية قبل كل شيء.

أخيراً ما نود تأكيده هو أن سورية تجاوبت وتتجاوب مع أي قرار دولي يحفظ سيادتها على أراضيها، ووحدة هذه الأراضي، ولكنها في الوقت نفسه ستستمر في مكافحة الإرهاب على كل شبر من الأراضي السورية، إذ إن هذا الأمر هو من حقها ومن واجباتها، لاسيما حماية مواطنيها من الإرهاب ورعاته، كما أن من حقها أن ترد على أي خرق لأي اتفاق سابق أو لاحق، حتى ولو كان إطلاق قذيفة إرهابية واحدة من القذائف التي يطلقها هؤلاء الجبناء والخونة في الغوطة الشـــــــــرقية وفي أية بقعــــــــــــــة من الأراضي السورية.

العدد 1136 - 18/12/2024