الرئيس الأسد: فشل الدول الغربية وتركيا في معركة حلب يعني سقوط المشروع الخارجي وتحول مجرى الحرب في سورية

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن كل الدول الغربية والإقليمية تعتمد على تركيا في تنفيذ مشروعها التخريبي والتدميري في سورية ودعم الإرهابيين، وأن فشل هذه الدول في معركة حلب يعني تحول مجرى الحرب في كل سورية وسقوط المشروع الخارجي.

وقال الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة (الوطن) السورية نشرت يوم الخميس: (إن البنية الاجتماعية للمجتمع السوري أصبحت أكثر صفاء لأن الأمور اتضحت بالنسبة له وبات يميز بين التعصب والتدين وبين الطائفية والتدين وعرف المجتمع أن مصلحته في أن يقبل الجميع بعضهم بعضاً وأن يحترم الجميع مختلف الأطياف الدينية والطائفية والعرقية الموجودة في المجتمع السوري لأنها الطريقة الوحيدة لوجود سورية).

وفيما يلي مقتطفات من إجابات السيد الرئيس في المقابلة..

قرار تحرير كل سورية متخذ منذ البداية، بما فيها حلب، لم نفكر في أي يوم من الأيام بترك أي منطقة دون تحرير، لكن تطور الأعمال القتالية في السنة الأخيرة هو الذي أدى لهذه النتائج العسكرية التي نراها مؤخراً، أي أن عملية تحرير المنطقة الشرقية من حلب مؤخراً لا تأتي في إطار سياسي وإنما في سياق الأعمال العسكرية الطبيعية.

هناك عدة أسباب ا(للذعر الدولي والخوف على المسلحين داخل الأحياء الشرقية من حلب) ، أولاً، بعد فشل معركة دمشق، أو معارك دمشق في السنوات الأولى من الأزمة، وبعدها فشل معارك حمص التي كان من المفترض أن تكون أحد معاقل الثورة الوهمية، أو الثورة المفترضة، انتقلوا إلى حلب كأمل أخير بالنسبة لهم، وميزة حلب بالنسبة للإرهابيين وداعميهم أنها قريبة من تركيا، وبالتالي فالإمداد اللوجيستي إلى حلب أسهل بكثير من جميع النواحي، فكان كل التركيز خلال السنتين الأخيرتين على موضوع حلب، لذلك فإن تحرير حلب من الإرهابيين يعني ضرب المشروع من قاعدته، فدمشق مع حمص وحلب، يعني ألا تبقى في يدهم أوراق حقيقية، بالنسبة لتلك الدول، وبالنسبة للإرهابيين طبعاً.

لأن تركيا وضعت كل ثقلها وأردوغان وضع كل رهانه على موضوع حلب، ففشل المعركة في حلب يعني تحول مجرى الحرب في كل سورية، وبالتالي سقوط المشروع الخارجي، سواء كان إقليمياً أو غربياً، لهذا السبب، صحيح أن معركة حلب ستكون ربحاً، لكن لكي نكون واقعيين لا تعني نهاية الحرب في سورية، أي أنها تعني محطة كبيرة باتجاه هذه النهاية، لكن لا تنتهي الحرب في سورية إلا بعد القضاء على الإرهاب تماماً، فالإرهابيون موجودون في مناطق أخرى، حتى لو انتهينا من حلب، فإننا سنتابع الحرب عليهم.

إذا نظرنا إلى الهدن بشكل عام، فنحن كنا نسير دائماً مع مبدأ الهدنة، وذلك لأسباب عدة، أولاً، الهدنة تفسح المجال للمدنيين للخروج من المناطق التي يحتلها الإرهابيون، تعطي المجال لإدخال المساعدات الإنسانية، وتعطي الإرهابيين فرصة لإعادة التفكير في موقفهم في حال أرادوا أن يقوموا بتسوية أوضاعهم مع الدولة، أو في حال أرادوا الخروج من المنطقة التي يحتلونها كما يحصل عادة، الهدنة تعطي الفرصة للتخفيف من التدمير، وفي نفس الوقت، نحن بالنسبة لنا من الناحية العسكرية، أولى أولوياتنا سلامة وأمان المقاتل، فبكل تأكيد من كل هذه الجوانب، الهدنة لها فوائد، ولذلك كنا دائماً نسير باتجاهها، والمصالحات هي إحدى نتائج هذه الهدن، من المؤكد أنها حققت نتائج على الأرض، لكن لو أخذنا حلب بشكل خاص، فلأن حلب كانت أساس المشروع المعادي مؤخراً، فإن طلب الهدنة من القوى الأخرى لم يكن للأسباب التي ذكرناها الآن، بل كانت لأسباب أخرى، كلنا نعرف أنهم يريدون أن يعطوا الإرهابي فرصة لكي يتنفس، ولكي يقوي موقعه، ولكي يقوموا بإرسال إمدادات لوجيستية له سواء عبر التهريب، أو تحت غطاء مساعدات إنسانية أو ما شابه.

السياسة الروسية اليوم ترتكز على المبادئ، لأن هذه المبادئ هي حالة شعبية وثقافية موجودة، فعندما يقولون بأنهم يؤكدون على قرارات مجلس الأمن، على سيادة الدول، على احترام الآخرين، على احترام إرادة الشعب السوري أو غير السوري، فهم يعكسون ثقافتهم ويطبقونها بشكل يومي ومستمر، لذلك أستطيع أن أؤكد مرة أخرى أنهم لم يقوموا بخطوة واحدة بسيطة أو معقدة أو أساسية أو كبيرة، بغض النظر عن التسميات، إلا وكانت بتشاور مع سورية

لم يطالبوا بأي شيء، بالعكس نحن نريد أن نعزز هذه العلاقات وندعو قبل الأزمة وبعد الأزمة لاستثمارات روسية في سورية، وهم في المقابل لم يحاولوا استغلال هذا الموضوع من قريب ولا من بعيد.

بالنسبة للعلاقات السورية- المصرية خلال السنوات الأخيرة، وخاصة خلال فترة الحرب على سورية، لا شك في أنها انحدرت لمستويات متدنية وخاصة خلال حكم الأخونجي مرسي في ذلك الوقت، ولكن حتى في ذلك الوقت لم تصل لدرجة القطيعة، ليس لأن مرسي لا يرغب، أو (الأخونجية) لا يرغبون، ولكن لأن المؤسسة الأمنية العسكرية لم تكن ترغب بهذه القطيعة، فبقي هناك قنصلية تعمل بالحد الأدنى من الموظفين، طبعاً بعد زوال حكم الاخوان في مصر، بدأت هذه العلاقة تتحسن وهي مازالت في طور التحسن، وكانت زيارة اللواء علي مملوك، والتصريحات الأخيرة للمسؤولين المصريين وعلى رأسهم الرئيس السيسي، هي مؤشر لهذه العلاقة، ولكن لم تصل للمستوى المطلوب، لأنها حتى هذه اللحظة محصورة بالإطار الأمني فقط،  طبعاً لا يوجد معوقات من قبل سورية،

نحن نريد أن تكون هذه العلاقة طبيعية، ومصر بالنسبة لنا هي دولة مهمة، ونتمنى أن تنعكس تصريحات الرئيس السيسي على رفع مستوى هذه العلاقة، بنفس الوقت نحن نعرف بأن الضغوطات على مصر لم تتوقف سواء من الغرب الذي يريد منها أن تلعب دوراً هامشياً باتجاه محدد، أو من بعض مشيخات الخليج التي لم تدخل التاريخ، وتريد من دولة تحمل واحدة من أقدم الحضارات في العالم أن تكون مثلها، لذلك أستطيع أن أقول بأن العلاقة تتحسن ببطء.

إيران دولة، والدولة تبني سياستها على المبادئ بالدرجة الأولى، ولكن العلاقات بين الدول ليس من الضروري أن تبنى فقط على المبادئ المشتركة، بكل تأكيد ليست هناك مبادئ مشتركة بين الدولة الإيرانية والاخوان المسلمين، ولكن ضمن دور الدولة الإيرانية في خلق الاستقرار في المنطقة، فهي تسعى إلى فتح علاقات في كل الاتجاهات بما فيها مع الدولة التركية، أردوغان أخونجي، ونظامه يأخذ نفس الاتجاه، مع ذلك فإن الحوار الإيراني التركي لا يتوقف، هذا لا يعني أن المبادئ والرؤى مشتركة، وإنما الجانب الإيجابي في هذه الحالة يشبه العلاقة الروسية- التركية، هي محاولة تخفيف الأذى والضرر، نفس الشيء هو حوار إيران مع الاخوان المسلمين، هي محاولة جلب هذه المجموعات ربما باتجاه أن يكونوا معارضة سياسية بعيدة عن الإرهاب.

نحن أيضاً كنا ندعم حماس ليس لأنهم أخوان، كنا ندعمهم على اعتبار أنهم مقاومة، وثبت في المحصلة أن الأخونجي هو أخونجي في أي مكان يضع نفسه فيه، وفي أي قالب يحاول أن يقولب به نفسه، وفي أي قناع يحاول أن يلبسه، يبقى من الداخل (أخونجي إرهابي ومنافق).

أنا أعتقد اليوم أن البنية الاجتماعية للمجتمع السوري أصبحت أكثر صفاء من قبل الحرب، قبل الحرب كانت هناك شوائب طائفية وعرقية تنتشر بشكل خفي في عمق المجتمع، أما الآن فهذا المجتمع أصبح أكثر صفاء لأن الأمور اتضحت بالنسبة له، وبات يميز بين التعصب والتدين، بين الطائفية والتدين، وأصبحت الفروقات واضحة، وعرف المجتمع أن مصلحته في أن يقبل الجميع بعضهم بعضاً، وأن يحترم الجميع مختلف الأطياف الدينية والطائفية والعرقية الموجودة في المجتمع السوري لأنها الطريقة الوحيدة لوجود سورية، لذلك أعتقد أن الحرب على وحشيتها ومساوئها كان لها جوانب مفيدة بالنسبة للمجتمع السوري من هذه الناحية، لذلك علينا ألا نقلق، إذا تمكنا من ضرب الإرهاب فأنا أقول لك إن ذاك المجتمع سيكون أفضل بكثير من المجتمع السوري الذي عرفناه قبل الأزمة.

في المجتمع السوري ليس بالضرورة أن تكون تيارات سياسية وحزبية تشارك أيضا بالعملية، فنتحاور مع الجميع حسب الموضوع. كل منصة لا تدعم الإرهابيين، ولا ترتبط بالدول نتحاور معها، أما ما نتيجة الحوار، كيف يستمر هذا الحوار، وما نتيجته فهذا يعتمد على قدرة هذه المنصات والأفكار التي تحملها.

في كل مصالحة حصلت كان موضوع المخطوفين هو الأساس والدليل المصالحة الأخيرة في خان الشيح وخروج المسلحين إلى خارج المنطقة، تم تحرير نحو 25 مختطفاً، هذا الموضوع أساسي وهذه أولوية بالنسبة لنا لأنها مشكلة اجتماعية وإنسانية كبيرة، لا يمكن للدولة أن تتغاضى عنها.

 هناك عدة عوامل ساهمت في صمود الاقتصاد، عوامل واقعية، أولاً.. هي إرادة الحياة لدى الشعب السوري بمختلف المهن الموجودة في سورية في القطاع العام والخاص كان هناك تصميم على استمرار دورة الحياة ولو بالحد الأدنى الممكن من خلال بقاء هذه المهن واستمرارها، وهنا أؤكد أكثر على القطاع الخاص، من المهن الصغيرة إلى المتوسطة إلى بعض المعامل الكبيرة أو بعض الاستثمارات الكبيرة، والكثير قد يستغرب وأنا واحد من الذين استغربوا بأن هناك استثمارات بدأت قبل الحرب وتم تدشينها خلال الحرب، والبعض طلب استثماراً وبدأ به وأنجزه خلال الحرب، حتى أن هناك بعض الاستثمارات التي لا تدخل في إطار الاستثمار الاقتصادي (استثمار ثقافي غير رابح) أفتتح بعض منها في دمشق وحلب، فإذن، هذا يؤكد إرادة الحياة القوية لدى الشعب السوري.

النقطة الثانية.. هناك أسس بني عليها الاقتصاد السوري عبر عقود منها القطاع العام، القطاع العام الذي كان له دور أساسي في صمود الاقتصاد رغم الثغرات الكبيرة الموجودة فيه والتي كنا نعرفها قبل هذه الحرب.

النقطة الثالثة.. الدولة بعد عامين أو ثلاثة أعوام عندما بدا أن الحرب ستستمر ربما لسنوات طويلة انتقلت باتجاه حلول غير تقليدية، أي أن هناك حلولاً أو إجراءات لم تكن مقبولة في الأوضاع الطبيعية قبل الحرب، اضطرت الدولة أو رأت بأنه من المفيد اتخاذ إجراءات غير تقليدية من أجل التعامل مع الاقتصاد غير التقليدي، وهذا ساعد على استمرار عجلة الاقتصاد أيضاً بالحد الأدنى، ولكن يضاف لكل هذه العوامل الدعم الخارجي الذي أتانا من الأصدقاء وخاصة الإيراني والروسي والذي ساهم في تخفيف الأعباء عن هذا الاقتصاد، هذه العوامل هي التي أدت لاستمراره.

طبعاً، نحن نعيش حالة حرب، والاقتصاد لدينا يعيش حالة حرب بكل معانيها، بدءاً بالحصار، فنحن لا نستطيع أن نصدر ولكننا نصدر رغماً عن أنف بعض الدول بطرق مختلفة، ممنوع علينا أن نأتي بمواد أولية ضرورية لاستمرار الاقتصاد ومختلف مناحي الحياة في سورية، ومع ذلك نتمكن من جلبها إضافة لضرورة وجود العملة الصعبة والمتطلبات الأخرى.

العدد 1140 - 22/01/2025