بعد نجاحات الجيش السوري وتحرير دير الزور بالكامل محاولات أمريكية ــ صهيونية ــ سعودية لإشعال المنطقة
رغم جميع العراقيل التي عمدت الإدارة الأمريكية إلى وضعها، لكبح تقدّم الجيش السوري في ملاحقته للدواعش في دير الزور، أعلن الجيش تحرير المدينة بكاملها، وأعاد الاستقرار والأمن إلى ربوعها، وهو يتابع بعدها التقدم باتجاه البوكمال، التي تجمّع فيها بقايا الهاربين من الدواعش وحلفائهم.
إن استعادة دير الزور وضع السطر الأخير في ملحمة التصدي للغزو الإرهابي لسورية، ولم يبق إلا وضع نقطة النهاية بعد تحرير البوكمال، الأمر الذي يعني بالمقاييس العسكرية والأمنية والسياسية انتصاراً سورياً مدوياً، لا على الإرهابيين فقط، بل على الداعمين، والمساندين، والممولين، وجميع المشاركين في التحالف الدولي المعادي لسورية، وفتح الآفاق أمام عودة الاستقرار إلى بلد يعد ركناً أساسياً في محور المقاومة للمخطط الصهيوني في المنطقة.
لقد كان الصمود السوري، الذي تجسّد في وقوف الشعب السوري خلف جيشه الباسل، حجر الأساس في مقاومة المشروع الذي اشتغلت على وضعه، وتنفيذه، المراكز السياسية والترسانات العسكرية وبيوت المال في الولايات المتحدة وأوربا، بمشاركة تركيا وحكام الخليج، وكان يهدف إلى تشكيل شرق أوسط جديد تتلاقى فيه مصالح الصهيونية مع المصالح الأمريكية والخليجية والتركية.
وفي الوقت ذاته، تابعت الجهود الدولية مساعيها من أجل إنهاء الأزمة السورية عبر الحلول السياسية في لقاء أستانا، الذي تركزت نتائجه حول استمرار التهدئة، والحفاظ على وحدة سورية، وبدء الحوار السوري السوري، ومعالجة الملفات الخاصة بالمخطوفين والمعتقلين، والمساعدات الإنسانية.
نجاحات الشعب السوري وجيشه في التصدي للإرهابيين، خاصة بعد تحرير دير الزور، دفعت الأمريكيين وحلفاءهم آل سعود إلى محاولة تنفيذ خطة استباقية لوضع المنطقة على حافة الهاوية من جديد، قبل أن ينتج الانتصار السوري مفاعيله السياسية والعسكرية والاقتصادية، وذلك عن طريق البوابة اللبنانية هذه المرة، مستخدمة هشاشة التركيبة السياسية اللبنانية، وأمراء الإقطاع السياسي- الطائفي.
إن الإيعاز السعودي للحريري بتقديم استقالته في هذا الوقت ومن الرياض، وتوجيه الاتهامات يميناً ويساراً بصورة ضبابية، كشفت للبنانيين ارتهان الحريري وحلفائه لخطة الأمريكيين وآل سعود لإشعال المنطقة من جديد، بعد أن شكّل الانتصار السوري على الإرهابيين المخمد الرئيسي لنار الفتنة الطائفية.. السياسية فيها.
الآمال معقودة اليوم على وعي اللبنانيين وتفهّمهم لما يحاك للبنان، الذي يعدّ، بما يمثله من تركيبة سياسية طائفية متفردة، ومصالح دولية متشابكة تتجاوز حدود منطقة الشرق الأوسط، بؤرة قابلة للاشتعال والتشظي الإقليمي، والخاسر الوحيد في هذه الحالة هو لبنان والشعب اللبناني الذي ذاق ويلات الحرب، ودفع الثمن غالياً منذ عقود، إثر تحالف بعض الفئات اللبنانية مع الكيان الصهيوني.
السوريون المتفائلون بالنهاية الوشيكة لسنوات الجمر، وبقدرة جيشهم على حماية وحدة بلادهم أرضاً وشعباً، وبحوار مكوناتهم السياسية والاجتماعية الساعي إلى إنهاء الأزمة، والانطلاق إلى وضع ملامح مستقبلهم الديمقراطي.. العلماني، يراقبون بقلق بالغ ما يجري في لبنان، ويتوقعون من جميع القوى السياسية الوطنية والحريصة على عدم استرجاع الماضي المؤلم، أن يقفوا صفاً واحداً لمواجهة مساعي الأمريكيين وآل سعود لإحراق المنطقة انطلاقاً من لبنان.