تلك الضحكة الشابة.. وهذه النظرة الغاضبة!
هل تعرفون جميلة بوحيرد؟!
لقد غنينا لها، وكنا في مقتبل العمر!
كانت صورة من صور شبابنا الذين يطمحون إلى رفض الاستعمار بكل أشكاله، وتحرير فلسطين كلها وإقامة زمن جميل لأمة، كان اسمها الأمة العربية!
قدمت جميلة بوحيرد شبابها وروحها لوطنها. لم تفكر في السفر إلى فرنسا لتتجول في شوارع باريس بحثاً عن آخر صرعات العصر وموديلات الملابس، ولم تنكفئ في بيتها تترقب ظهور بطل قومي وتاريخي ليعيد لها استقلال الجزائر.. أبداً لم تفعل ذلك، اتخذت القرار الواقعي جداً، أن تقاوم الفرنسيين في بلادها فوراً!
كانت جميلة بوحيرد تملك من اسمها الكثير، لكن ضحكتها كانت تشع في وجداننا ونحن نتابعها عبر الصحف أو المجلات التي كانت تتحدث عنها بين فترة وأخرى. كانت تلك الضحكة الجميلة واثقة بالمستقبل، واثقة بأن التضحية عنوان الزمن الجميل القادم، فكانت تمثل كل الجزائريين وهم يحتفلون بالمهرجان العظيم مهرجان الاستقلال، لذلك كنا نعلق صورة ضاحكة لها على جدران غرفنا، ونعتبرها نموذجاً مشرّفاً للبنت العربية الواثقة بغدها!
كانت جميلة بوحيرد الوحيدة بين أفراد أسرتها، فقد أنجبت والدتها 7 شبان، إضافة إليها، وعندما اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954 انضمت إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي، إلى أن قُبضَ عليها عام 1957.
ألقي القبض عليها جريحة، تنزف دماً بعد إصابتها برصاصة في الكتف، وعلى الفور بدأ الفرنسيون رحلتهم القاسية معها في التعذيب الرهيب، لتقدم أسماء كل المقاومين، ففشلوا!
هل شاهدتم صورة جميلة بوحيرد هذه الأيام؟!
إذا كنتم قد شاهدتموها، فلا بأس بمقارنتها بصورتها الأولى، إنها صورة زمانين من الزمن العربي الذي يحكي التاريخ عنه ولايمل من هزائمه وانتصاراته..
ضعوا الصورتين على جدران غرفكم..
أنتم أحرار أيها العرب بأن لاتفعلوا مثلما فعلت جميلة بوحيرد، وتقاوموا كل تدخل وهيمنة في بلادكم، ولكنكم لستم أحراراً باحترام ماقامت به، لأن ملايين البرقيات جاءت إلى الأمم المتحدة تستنكر الحكم الفرنسي الذي قرر إعدامها!
كان العالم الذي يحترم نفسه.. مع جميلة بوحيرد..
اليوم هي ليست مع أحد يرضى الذل والهوان لأمته!
في صورة جميلة الجديدة، صورة المرأة العربية الغاضبة على مايجري في وطنها العربي، تنظر بعمق وغضب وكأنها تبعث برسائل العتاب إلى العرب جميعاً، فهل غاب عنكم الزمن الجميل الذي كنتم ترفضون فيه الهيمنة على بلادكم وقراركم الوطني؟!