كيف عاد القلم بطلعته البهية إلى الصدارة؟!

أيام زمان كانت الصحافة تنشر كتابات الزملاء الصحفيين مع أسمائهم، وقد سبقت كل اسم كل كاتب أو صحفي عبارة: بقلم .. وكان النقاد، وأحياناً القراء، عندما يريدون الثناء على كاتب النص أو المقالة، يقولون:

     –  إن قلمه كان سيالاً، أو يقولون: صاحب قلم نظيف!

وأحياناً تستخدم عبارة: قلم مأجور!

وصارت الكلمة مصطلحاً دارجاً يحمل الكثير من المعاني.

عندما ترادف عبارة (بقلم) الاسم، فهي تدل تلقائياً على الكاتب أو الصحفي، وكان صاحبها يعتز بها، وربما يدوّنها في رأس الصفحة البيضاء قبل كتابة المقالة، حتى إن أولئك الذين دخلوا دائرة الضوء والشهرة على نطاق واسع كانوا يعتزّون بها، ويحاذونها بأسمائهم!

وفجأة بدأت الكلمة ومفهومها بالتراجع!

السبب  هو ظهور (الكمبيوتر)، الذي بدأ يفرض نفسه بخجل، ثم أصبح ضرورة، ومالبث أن فرض نفسه على حياة الكتّاب والصحفيين وسيلة جديدة للكتابة لابد منها، وهكذا تراجع القلم، وأصبح مجرد هدية أو أحد أدوات التعليم في المدارس!

لاحظت في مرات كثيرة أن هناك زملاء يعملون في الصحافة لايحملون أقلاماً، وربما نسوا آلية مسك الأقلام، واستبدلوا بها مهارات جديدة تتعلق بالكتابة، ولم يتهيب هؤلاء من الحديث عن متعة استخدام أدوات العصر الجديدة حتى عبر وسائل الإعلام، وكان هناك فئة أخرى تراجع عددها شيئاً فشيئاً تتحدث عن سلاسة الكتابة بالقلم، ومتعة الإمساك به، وغير ذلك من العبارات، وهم في حقيقة الأمر يبررون عدم قدرتهم على مواكبة غزو أجهزة الحاسوب بمختلف أنواعها.

مع تصاعد الأزمة في سورية، وتراجع الإنتاج الكهربائي، وازدياد ساعات التقنين، لم يعد (الكمبيوتر) يلبي الحاجة الطبيعية للكتّاب والصحفيين، فعندما يأتي طقس الكتابة، و تكون الكهرباء في طور التقنين، يصبح (الكمبيوتر) جهازاً لا فائدة منه.. جهاز ميت أو على الأقل في حالة سبات مالم يكن يعتمد على المدخرات الكهربائية!

وسريعاً.. عاد القلم بقوة!

القلم في هذه الحالة هو الحل الوحيد..

وفي عودته مجموعة أسئلة، يتعلق جزء منها بعودة الكهرباء وتنظيم التقنين وعدالته، والسعي إلى تجاوز نقص الكهرباء، ويتعلق الجزء الثاني بطقوس الكتاب، وبالعودة إلى التمرس على إمساك القلم والبحث عن أوراق بيضاء، وما إلى ذلك من احتياجات معروفة للكتابة!

أما أنا فأعتقد أن من الضروري هذه الأيام عودة بعض العبارات التقليدية وطرحها في سوق الكتابة، ومن تلك العبارات:

(القلم النظيف)، (القلم الجريء)، (القلم الوطني)..

ونحن بحاجة إليها في هذه الأيام!

العدد 1140 - 22/01/2025