حكايا الناس.. في الزمن الصعب!

يقال: (الناس لبعضهم البعض)!

أي: أنه عندما يقع بعضهم (قليل أو كثير) في ضائقة ما، فإنه يتجه طالباً العون من البعض الآخر، وهي سمة من سمات أخلاق الشهامة..

وكلما اشتدت الأزمات، وضاقت الأحوال، يبحث الناس عن الناس، يبحث الإنسان عن الإنسان، وتبحث الحاجة في حال الضيق عن الوفاء، والحب، والصدق، والعطف، والحنان..

هذا هو حال الناس هذه الأيام، فالبلاء يتمدد، ويتمطى، يمضي على غير هدى.. ينتشر من مدينة إلى مدينة ومن بلد إلى بلد، وكأنه فقد هدفه وضاع رشده، وراح يركض في كل الاتجاهات يوزع الآلام والجراح والنكبات على العالم..

نعم..

الناس لبعضهم البعض، وتحديداً:

– (السوريون لبعضهم البعض)!

إن السوريين هم الوحيدون في هذه الآونة الذين يتمسكون بهويتهم وانتمائهم، ويستندون إلى تراث كبير من العزة والكرامة والإباء…

لقد اشتدت الضغوط على السوريين.. اشتعلت الحرب.. تفاقمت الأزمات.. ضاعت الهويات والاتجاهات والأهداف، ولم يكن أمام السوريين، الذين يعرفون جيدا معنى الانتماء، ليس أمامهم إلا هدف واحد: وطنهم!

عندما ترد كلمة (الوطن)!

يكبر السوريون أمام المعنى، يتعالون على الجراح ويحملون على أكتافهم أعباء الماضي والحاضر، ويعلنون أن الوطن أغلى، وأن لا كرامة إلا فيه، ولا عزة إلا مع أهله، ولا هدى إلا برايته..

هكذا بنى السوريون ثورتهم ضد المستعمرين والغزاة..

قدموا دماءهم من أجل الاستقلال فامتزجت مع تراب الأرض الغالي، وكان عليهم أن يكتبوا عهداً غالياً هو عهد السوريين جميعا، فأنتم أيها السوريون معنيون بالدفاع عن استقلال سورية ووحدتها جيلا بعد جيل..

أنتم أيها السوريون معنيون برفع اسم سورية في عصر تسقط فيه أسماء الدول..

أنتم أيها السوريون معنيون بصناعة مستقبل للأجيال القادمة لاحقد فيه ولا كراهية ولا عداء بين الناس..

هاهي سورية اليوم.. تشق الطريق لتتغلب على الدم والحرب والموت والدمار.. وإذا كانت الأيادي تمتد في كل بقعة للمصالحة، فإنها أقوى موقف في وجه القادم.. والقادم أعظم إذا كنا ضعفاء!

العدد 1140 - 22/01/2025