فرنسا.. حملة الانتخابات الرئاسية وفضائح الفساد… لمن الكرسي؟

 تشهد فرنسا حالياً أعنف المعارك السياسية في تاريخها الحديث بخصوص الانتخابات الرئاسية.

 بعد انتصار فرنسوا فيون في مناظرات اليمين الفرنسي على منافسه آلان جوبيه، الذي كانت كل الاستفتاءات تعلنه رابحاً، وعلى نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق الطامح بالعودة إلى الحكم لحبه للسلطة، فتحت الملفات المالية لرئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون، واكتشف الشعب الفرنسي اختلاسه المال العام من خلال دفع الرواتب لزوجته كملحق برلماني، هي التي لم تشغل يوماً هذا المنصب.

لكن الفضائح لن تقف على هذا الحد، ففرنسوا فيون، الذي تباهى وجاهر بنزاهته، متّهم أيضاً باختلاس المال العام، عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ الفرنسي. هذا الانتقام السياسي من قبل خصوم المرشح فيون، أكانو من اليمين أو اليسار الفرنسي، جعل هذا الأخير عرضة للانتقادات السياسية والإعلامية، وأدت إلى وضعه وزوجته وبعض العاملين معه قيد التحقيق.

 إن حُكم على فرنسوا فيون فسيخرج كلياً من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وإن بُرّئ من هذه التهم المنسوبة إليه، فيمكن أن ترى فيه أكثرية الفرنسيين مخلص فرنسا من أزماتها. وهذا ما سيشكل أزمة لمانويل ماكرون، لأنه يعتبر واحداً من المعرقلين الحقيقيين لفرانسوا فيون، وذلك لأن الشكوك تدور حوله أيضاً، وليس علينا إلا الاطلاع على الوثائق التي ينشرها حالياً موقع ويكيليكس في هذا الخصوص أو على موقف الرأي العام الفرنسي من خطاباته. أما مارين لوبين فهي أيضاً قيد التحقيق باختلاس المال العام للاتحاد الأوربي ودفع رواتب لوظائف مظهرية.

كل هذا يعطي فكرة عن الفساد السياسي في الدولة الفرنسية. هذا الأمر فتح عدة ملفات لعدة مسؤولين سياسيين فرنسيين على كل مستويات الدولة تقريباً. وهذا ما يشكل أزمة للشعب الفرنسي الذي تضربه حالة من اليأس والإحباط تجاه سياسييه. هذه هي حالة فرنسا التي تدعي الديموقراطية، واحترام الشعب وحقوقه. فرنسا المشاركة بحروب غير منطقية في العالم ضد من تدّعي أنهم فاسدون وليسوا ديموقراطيين. فإن أضفنا ما يحصل الآن في فرنسا، من أعمال مخلة بالأمن وتهديدات إرهابية، فإن مستقبل الرئاسة الفرنسية يصبح مفتوحاً على كل الاحتمالات ومنها احتمال التأجيل لأسباب عديدة ومنها الأمنية، وهذا الاحتمال يجري التداول به في فرنسا.

الفريق الحاكم الحالي يتعلق بالسلطة بشكل غير طبيعي وغير منطقي، مدعياً تحسين أوضاع فرنسا وشعبها والديموقراطية فيها، وتحسين العيش المشترك والسلام في العالم.

 مهما تألق المرشحون للرئاسة الفرنسية متكلمين عن القضايا الأساسية في فرنسا متشبهين بالجنرال ديغول، فذلك لنيل تعاطف الشعب الفرنسي، لكن كلاً منهم شارك في السلطة على مستويات مختلفة وفي مراحل معينة دون أن يفعلوا ما فعله ديغول، ما أدى إلى الفساد والإحباط الحاصل في هذا الوقت في فرنسا.

 فالتمثل بالجنرال ديغول ما هو إلا كذبة كبيرة لاجتذاب الناخبين إليهم. فإن قيّمنا سياستهم ومشاريعهم نرى أن أكثرها ليس لها أي علاقة بمنهج الجنرال ديغول، وخاصة سرقتهم المال العام. أما بالنسبة لجان لوق ميلانشون فإنه الوحيد الذي لم نسمع عنه الفضائح حتى الآن، لكن يتداول الفرنسيون أنه متصهين وأنه يخبئ ذلك. فإن كان الخبر صحيحاً فهذا ليس بغريب، ففرنسا برمتها متصهينة ومصطفة منذ عقود وراء خط الصهيونية العالمية.

يبقى برونو آمو مرشح اليسار الاشتراكي، الذي لا يحظى بتأييد كبير من قبل الشعب الفرنسي، لانعدام الثقة بالحزب الاشتراكي بعد حكم فرانسوا هولاند. أياً كان الرئيس أو الرئيسة في فرنسا، في المرحلة القادمة، فإن كل الطقم الحاكم، وأتباعه من أحزاب ومسؤولين غارقون في الفساد كلاً على مستواه، ما جعل الشعب الفرنسي محبطاً، ومن دون حل لهذه المعضلة، سيكون فاقداً كل الثقة بحكامه ومسؤوليه، ومتعدد الاتجاهات مفتشاً عمن يمكن أن يعطيه الثقة من جديد والمعنويات لمواجهة المراحل القادمة على فرنسا والغرب.

لكل ذلك فإن الموضوع الأساسي الذي يثار لشدّ الناخبين هو بعث الخوف في قلوبهم من الإرهاب، ومن الهجرة التي تمثل شيئاً قليلاً في فرنسا مقارنة بغيرها من بلدان الاتحاد الأوربي.

أخيراً السؤال الذي يطرح: إلى أين ستذهب فرنسا؟ وماذا سيكون مستقبلها في المرحلة القادمة؟

 

العدد 1136 - 18/12/2024