في الذكرى الـ 48 لانطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
نمر في الذكرى الـ 48 لانطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين:ما من قوة في الأرض يمكن أن تفك الرباط الروحي بين سورية وفلسطين
في الثالث من آذار الحالي، وعلى أرض مخيم جرمانا في ضواحي دمشق، احتفلت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالذكرى الـ 48 لانطلاقتها، باحتفال مهيب كبير حضره ألوف من الجماهير الفلسطينية والسورية وممثلو حركات التحرر الوطني والسفارات الأجنبية.
وقد حضر عن الحزب الشيوعي السوري الموحد وفد ضم الرفيق حنين نمر، الأمين العام للحزب، والرفاق نجم الدين خريط وإسماعيل حجو، عضوي المكتب السياسي، ومنظمة جرمانا للحزب وعدد من الرفاق من منظمات الحزب الأخرى.
وقد ألقى الرفيق حنين نمر الكلمة التالية:
أيها الرفاق الأعزاء؛
إنه لشرف كبير لي، أن أنقل إليكم، وإلى كل الحضور في هذا الاحتفال المهيب، وعلى الأخص إلى قيادات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وكوادرها وأعضائها، بمناسبة الذكرى المشرّفة الثامنة والأربعين لانطلاقتها.. أجمل التحيات وأصدق التمنيات من المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد، والآمال العريضة أن تتوطد نجاحاتكم وأن تزدادوا قوة وصلابة في التصدي للكيان الإسرائيلي الغاصب، وتُعلوا الراية الخفاقة، راية فلسطين المحررة، وراية كل شهيد وشهيدة من أبناء شعبكم الذي هو شعبنا أيضاً.
نقول ذلك لأنه في هذا الزمن الرديء تنتشر رياح السموم بما تحمله من أفكار يائسة وبائسة، أفكار استسلامية أينما كانت في أرض العرب، تدعو إلى الرضوخ للاحتلالات والتسليم بالأمر الواقع.. ولكن جبهتكم والجبهة الشقيقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والفصائل الفلسطينية الأخرى رفضت الامتثال لهذا الواقع وأعلنت شق عصا الطاعة على الهزيمة وعلى أفكارها ونظرياتها.
لقد شكلّت جبهتكم مع الشقيقة الجبهة الشعبية القاعدة القوية للفكر اليساري والاشتراكي العلمي في فلسطين، الذي ازداد قوة بالتلاحم مع حزب الشعب الفلسطيني وبانتشار الأفكار الاشتراكية على نطاق واسع بين أبناء الشعب الفلسطيني. لقد صعدت حركة التحرر الوطني الفلسطينية بشكل أذهل البشرية، وهز أركان العدو الإسرائيلي وما يزال. ويعود ذلك بشكل أساسي إلى حقيقة الاندماج مابين أفكار حركة التحرر الوطني المعادية للإمبريالية، والأفكار الاجتماعية التقدمية، وهو ما أعطى للثورة الفلسطينية هذا الامتداد الواسع والصلابة والإيمان بالمستقبل. إن تلاحم جميع الفلسطينيين بمختلف تياراتهم الإيديولوجية حول راية التحرر الوطني وتجاوز التناقضات الثانوية هو الذي ضمن وسيضمن استمرار الثورة وانتصارها.
إن الفهم الصحيح للماركسية اللينينية فيما يتعلق بالمسألة القومية يجنبنا الوقوع في خطر الانعزالية اليسارية الجامدة وخطر الانتهازية اليمينية. إن تحرير فلسطين بوصفها من مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية لن يتحقق إلا على أساس الجبهة الوطنية العريضة والتحالفات الواسعة، ولن تكون مهمة أي فصيل أو حزب بمفرده.
من الطبيعي أن تنشأ داخل الحركة الوطنية اتجاهات يدعو بعضها إلى المراهنة على الدول الغربية في تحصيل الحقوق، ومثل هذا الاتجاه موجود على الصعيد الفلسطيني. إننا لا نستبعد أي جهد سياسي لتحصيل الحقوق الفلسطينية المرحلية، إلا أن ذلك يجب ألا يُستغل من قبل الذين يئسوا وأصبحوا فاقدي الثقة بقدرات الشعوب، والذين يرمون كل ثقلهم إلى جانب بعض الوعود التي أٌطلقت منذ 24 عاماً في (أوسلو). والتي لاتزال تطلق من واشنطن أو باريس أو تل أبيب بالرغم من ثبوت نية الخديعة والنفاق فيها.
وفي الحلول السياسية، لا تكفي الليونة وحدها بل لابد من أن يتسلح المناضلون بادوات الضغط المتعدد الأشكال دون تردد ودون مغامرة. إن العدو الإسرائيلي يُصعّد أكثر فأكثر، فهو يشرعن ويكثف الاستيطان ويسعى إلى تحويل فلسطين إلى دولة يهودية صافية، وإلى طرد فلسطينيي عام 1948 من أرضهم، وإلى إنشاء نظام عنصري كامل في إسرائيل ، ولم تعد تنفع مع هذا العدو التنازلات الكثيرة التي قدمت له وهو يريد، كما كان دائماً، توسيع دائرة الغزو الصهيونية على أراضي العرب ودولهم.
إن ذلك يجب أن يجابهه جميع الفلسطينيين بإزالة الانقسام وتوحيد الصفوف، وتفعيل منظمة التحرير وإدارتها على أساس ديمقراطي، ودفع التحركات الشعبية الفلسطينية باتجاه انتفاضة جديدة ، وتوفير الأسس الموضوعة لها.
إن الحلقة الأساسية الآن، إضافة إلى ذلك، هي التلاحم مع أحزاب وقوى حركة التحرر الوطني العربي لانتشال القضية القومية العربية من المأزق الذي تمر به، فقد اشتدت المؤامرات والضغوط عليها إلى درجة الإجرام من قبل الحلف الغربي التركي السعودي، والذي نفّس كل أحقاده بسورية فحاول حرقها، ثم دمّر ليبيا واليمن والعراق.
لكن البشائر التي حملتها إلى العالم كله بطولات الجيش العربي السوري، أعادت الروح إلى المواطنين العرب في كل مكان، وأرسلت في كل الاتجاهات رسائل تؤكد أن عصر القطب الواحد قد انتهى والهيمنة الإمبريالية على العالم ستصبح من الماضي .
لقد قدمت سورية عشرات الألوف من الشهداء وغزا أرضها أكثر من 250 ألف مرتزق أجنبي متسللين إليها من أكثر من 80 دولة ولم تستسلم، وها هو العلم السوري الحبيب يرتفع خفاقاً فوق ربوع سورية مدينة مدينة ، وقرية قرية.
إن كلفة دحر العدوان الاستعماري الإرهابي على سورية كانت عالية جداً، ولكن كلفة الاستسلام كانت ستكون أكبر بكثير.
إن الدرس السوري يرسل رسائل واضحة تجاه فلسطين، فالاستعمار الأمريكي أنذر سورية منذ حوالي عشر سنوات بوجوب أن تفك ارتباطها بالقضية الفلسطينية. لكن هيهات أن تقنع سورياً واحداً بالتوقف عن دعم الكفاح التحرري العادل لإخوته الفلسطينيين، وما من قوة في الأرض يمكن أن تفك الرباط الروحي ، الثقافي، السياسي، القومي الذي يربط فلسطين بسورية أو يعلن سياسة النأي بالنفس عن القضية الفلسطينية.
إن سورية أحبطت محاولات المشروع الأمريكي – الصهيوني الذي التحق به المشروع الإرهابي ليصبحا مشروعاً واحداً، ورغم أن الحرب على سورية لم تنته بعد، لكن إشارات النصر تلوح أمام ناظرينا.
إن نصر سورية هو نصر مهدى إليكم، إلى الشعب الفسطيني شعب الجبارين، شعب الشهداء والأحرار كما هو مهدىً إلى الشعوب الشقيقة في العراق واليمن وليبيا التي سترفع عنها نير الغزو الإرهابي الاستعماري وستسير مع سورية ومصر وتونس ولبنان وكل الشعوب العربية في مسيرة واحدة لإحياء حركة التحرر الوطني العربية وتجديدها في صالح السلام والتقدم والاشتراكية في العالم.
** وألقيت في الاحتفال أيضاً الكلمات التالية:
1. كلمة منظمة الصاعقة الفلسطينية، ألقاها الرفيق محمد قيس عضو قيادة منظمة الصاعقة.
2. كلمة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – ألقاها الرفيق أبو أحمد فؤاد- نائب الأمين العام للجبهة.
3. كلمة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين- ألقاها الرفيق فهد سليمان نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطبن.
وقد أكدت الـكلمات أهمية وحدة القـوى الفلسطينيـة في مجابهة العدو الإسرائيلي المحتل، ودور سورية الوطني والقومي وموقفها الثابت في دعم القضية المركزية – قضية فلسطين رغم الظروف الصعبة التي تمر بها.