الجدران.. عندما تتحول إلى مساحة لونية!
ساحة الأمويين من أشهر الساحات العامة في دمشق، وعندما يرسم الزائر لهذا المكان لوحة بصرية في مخيلته، فإنه يجد نفسه أمام مجموعة أشكال عمرانية جذابة تحمل من المعاني أكثر مما تحمل حجارتها من جمال معماري..
عندما ننتهي من الرسم، يمكن أن نجمع في الصورة التي نرسمها مبنى الإذاعة والتلفزيون بطوابقه الخمسة التي تأخذنا في تصميمها إلى أيام الوحدة بين سورية ومصر عام .1958.
بعد ذلك بسنتين بدأ بث التلفزيون في سورية ومصر في دولة الوحدة التي كان اسمها الجمهورية العربية المتحدة..
ويشابه هذا المبنى الطوابق الخمسة الأولى من مبنى ماسبيرو في القاهرة، البناء التوءم للإذاعة والتلفزيون في سورية..
وفي الصورة أيضاً مبنى الأركان العامة، وفيه كان تمثال يوسف العظمة يشهر سيفه في وجه المستعمرين الفرنسيين ليتحول إلى رمز وطني وعربي وعالمي لمقاومة الاحتلال والاستعمار..
اضطرت إسرائيل في حرب تشرين أن تشن غارات جوية لكسر سيفه الوطني، فإذا بيوسف العظمة يشهر سيفه في أكثر من مكان في الساحات العامة بدمشق..
وهناك واحدة من أهم مكتبات المشرق العربي الحديثة، أي مكتبة الأسد وفيها آلاف المخطوطات العربية الهامة، ومئات ألوف الكتب القيّمة بكل لغات العالم، وإلى جوارها حديقة تشرين الجميلة التي يتجمع فيها المئات يمارسون رياضتهم في الساعات الأولى من الصباح، فيفتتحون حيوية النشاط اليومي إلى أن يحل الليل..
ثم يشغل مبنى الشيراتون بطرازه الشرقي الرائع الحيز الموازي للطريق الصاعد باتجاه المزة، وفيه تكتمل صورة الدوار الشهير الذي يسمى ساحة الأمويين..
في هذا الطريق، نتجه صعوداً لنرى المبنى الجميل لوزارة التعليم العالي وحدائقها المعلقة الصغيرة، واسمها المكتوب بأشجار التمرحنة الخضراء التي تطل على جانب دمشق الغربي تسترق نظرة ساحرة إلى قاسيون..
بين مبنى وزارة التعليم العالي ومبنى الإذاعة والتلفزيون هناك مساحة فارغة يخترقها فرعان من فروع نهر بردى السبعة، التي كانت تتجه إلى أنحاء دمشق وغوطتيها لترويها بالماء..
أقيم على ضفتي كل فرع من نهر بردى جداران أسمنتيان خشية انهيارات قد تحدث في التربة الطينية أثناء موسم الأمطار، وهذه الجدران الأسمنتية كانت تكسر جمالية ساحة الأمويين إلى أن رسمت عليهما في الآونة الأخيرة مساحات لونية يراها الصاعد في الطريق..
هل استكملت هذه المساحات اللونية جمالية الصورة التي نتحدث عنها، أم أنها كانت مجرد مساحات لونية؟!
كان يمكن أن يقوم الأطفال برسمها، ولسنا بحاجة إلى المثلثات المتقاطعة فيها التي أفقدت الفكرة أهميتها!