قضية متحف نينوى.. مهمة الحرب الكبرى علينا!
لماذا يدمرون التاريخ والحضارة؟
اسأل إسرائيل، فعندها الخبر اليقين..
أخفت إسرائيل مطامع الصهيونية طويلاًـ ورغم كل محاولات الإخفاء، كان واضحاً للقاصي والداني، أنها تبحث عن تبرير كامل لوجودها في المنطقة يقوم على أساس (تاريخي، سكاني، ديني)، وهذا يعني أنها تبني بدأب صرحاً وهمياً لتقنع العالم أن حضارة (إسرائيل) تقوم على مرتكزات التاريخ والجغرافيا والانتماء، وبالتالي، فإن البنية الموجودة الأخرى هي نقيضة وغير أصيلة، تماماً كما فعلت بشعب فلسطين!
وجيلنا يعيش يومياً تداعيات البحث الصهيوني عن الهيكل اليهودي في أرض القدس، وقد خرجت أكثر من نظرية تاريخية محققة تقول إن شيئاً من هذا لم يكن موجوداً في هذه المنطقة، وإن كل البحث والتلفيق الإسرائيلي كانت نتيجته صفراً..
والغريب أن قادة إسرائيل، وهذا ماقرأناه بوضوح، وهو غير مخفي، يقيمون حياتهم العملية على عنصرين أحدهما هو ذاك المتعلق بالآثار والثاني هو بمهنته وعمله اليومي، وكان موشيه دايان وزير (الدفاع) الإسرائيلي كما يسمونه، واحداً من النماذج المهمة على هذا الصعيد، فاهتماماته بالآثار وأركيولوجيا التراث اليهودي المزعوم تساوي بالضبط اهتمامه العسكري كوزير لبنية عسكرية حربية تريد التهام المنطقة والسيطرة عليها.
ما الذي نراه الآن؟
وإلى أي حد يفهمه العرب هذه الأيام؟!
تشتغل كل منظومة تفكيك المنطقة اليوم على منهجين:
الأول القتل وابتكار أشكال مروعة في ممارسات هذا القتل، وما ينتج عنه من تهجير وتغيير في البينية السكانية وهوية وجودها وشرعيته!
والثاني تدمير التاريخ وإحراق المتاحف والآثار التي تحمل كل دلالات هوية المنطقة الحضارية، والحجة كما هو معروف، تعارضها مع الدين!
كل فقهاء الدين الإسلامي المعروفين والباحثين فيه يؤكدون أن الشرع الإسلامي لايبرر هذا القتل وهو بريء منه وبعيد عنه، ويحرّم تدمير ماتحتويه المتاحف والآثار إلا إذا كان يعبد، ويقر هؤلاء بأن المعركة تقوم أساساً على اقتلاع الوجود الحضاري للمنطقة، والإسلامي جزء منه؟!
هذه الفرضية مهمة على هذا الصعيد، وعليها يبنى ماهو آت:
أولاً: أن المسلمين مستهدفون أولاً، بحضارتهم وانتمائهم، وحتى بعقيدتهم وما يجري هو عدوان واسع النطاق ووحشي وتلفيقي وهمجي على الإسلام نفسه بكل مذاهبه!
ثانيا: إن المسلمين هم العنصر الأساسي في الدفاع عن حقيقة الإسلام وعن هوية المنطقة، وأن مايطرح تحت مسميات التماثيل والأصنام هو حجة وحشية لتبرير الفعل الآخر الصهيوني الذي يعمل على إيجاد هويته هو، وفي هذه الهوية لايوجد إسلام، وإذا وجد فهو أول عدو للصهيونية يجب تدميره!
ثالثاً: أن البنية الديمغرافية في المنطقة (القائمة على التنوع الديني والقومي والاقتصادي..) هي من مرتكزات الحضارة العربية الإسلامية بإضاءاتها وإنجازاتها، ولذلك يعملون على تدميرها وإثارة التناقض بين فئاتها، وبذلك يتحول التناقض الرئيسي إلى تناقض ثانوي، وتتحول التشاركية الحضارية الجامعة إلى تناقض رئيسي يتجه نحو مذابح لاتنتهي وانتقام متتالٍ..
هذه التداعيات تفرض نفسها كل يوم.. وكلنا معنيون بالوقوف صفا واحدا لوقف الزحف الهمجي لتدمير حضارتنا!