الصمت الدولي يطبق فكّيه على جريمة الدروع البشرية في الغوطة الشرقية

ليست المرة الأولى، طبعاً ولا الأخيرة على ما يبدو، بما يخص التخاذل الدولي عن حقوق المدنيين في سورية، والتي إن نطقت أو تكاتفت سياسياً لصدرت مفاهيم وادّعاءات تسجّل لصالح الإرهاب الدولي في سورية، تنظيمات إرهابية مدرجة على لائحة الإرهاب الدولي، وعصابات مرتزقة تمتهن الدماء والأشلاء مازالوا في الوصاية الدولية المعادية لسورية وشعبها.

منذ بداية الأزمة السورية وحتى اللحظة تجري المتاجرة بالأرواح والبنى التحتية السورية. هجوم إرهابي دولي انقسم بين السياسي، والإعلامي، والميداني، مكرساً لخدمة المصالح المستعمرة في سورية، وهي توفر لعصاباتها الإرهابية على الأرض جميع سبل التطور الإرهابي والبقاء، على حساب الفتك بالقوانين الدولية وحقوق الانسان لاسيما جرائم الدروع البشرية التي تمتهنها العصابات الإرهابية في الغوطة الشرقية، كما فعلت بالمدنيين في حلب والمناطق الاخرى.

بعد الاعتداءات الإرهابية بقذائف الحقد على المدنيين في دمشق، كان لا بدّ من حراك للجيش السوري الذي يعتبر حماية المدنيين من أهم واجبات شرفه، الأمر الذي صهر تمركز الإرهابيين في بوتقة البطولات الفدائية للجيش بغية الدفاع وتوفير الأمان، مما دفع الإرهابيين لاتخاذ المدنيين دروعاً بشرية لهم.

بحكم القوانين الدولية يعتبر استخدام المدنيين في الحروب دروعاً بشرية جرائم حرب ويعاقب عليها، كما تعتبر القذائف الإرهابية على المواقع السكنية المدنية جريمة أيضاً، لكن تجاه الشعب السوري يجري تصنيم القوانين الدولية وتعبيد السياسة والإعلام لصالح طريق الإرهابيين وتمركزهم، هذا ما يؤكد الطموحات الصهيونية المعادية لسورية (قلب محور المقاومة) وشعبها، كما تحمي هذه الطموحات المعادية القوى الاستعمارية التي تمتلك مصالح مع الكيان الصهيوني من جهة، ومصالح استعمارية مباشرة من جهة أخرى.

وقد جاء في وكالة (سانا) للأخبار السورية أن (جرائم المجموعات الإرهابية بقصف الأحياء السكنية في دمشق وريفها تضاف إلى جريمة أخرى لا تقل عنها همجية تتمثل باحتجاز مئات العائلات في الغوطة الشرقية، حيث منعت في شهر شباط أي شخص من المغادرة، بعد أن قامت الحكومة السورية بالتعاون مع لجان المصالحات المحلية بفتح معبر آمن في مخيم الوافدين مجهّز بسيارات الإسعاف والنقل لمراكز الإقامة المؤقتة مع تأمين وجبات طعام، وذلك تمهيداً لتسهيل خروج المدنيين والمسلحين ممن يرغبون بتسوية أوضاعهم، وكذلك ليكون شرياناً لإدخال المساعدات الإنسانية إلى منطقة الغوطة الشرقية، ولم تسمح حينها المجموعات المسلحة لأي شخص من الأهالي بالخروج بما فيها الحالات المرضية من أبناء الغوطة، وذلك لإبقائهم دروعاً بشرية وذريعة للحصول على مزيد من المساعدات الغذائية التي تستولي عليها عند إدخالها من قبل المنظمات الانسانية بالتعاون مع الحكومة).

وأضافت (سانا): (وللتذكير فإن الجيش العربي السوري قام في شهر تشرين الأول من عام 2014 بفتح ممرَّين إنسانيين أمام المدنيين للخروج نحو مناطق آمنة، الأول في بلدة زبدين في قلب الغوطة، والآخر من جهة مخيم الوافدين قرب مزارع دوما، وخرج حينها المئات من عائلات منطقة عدرا العمالية المحاصرين في مدينة عدرا، ومثلهم من أهالي قرى وبلدات الغوطة الرافضين لوجود المجموعات المسلحة والفارين من جحيمها وحصارها لهم بقوة السلاح).

هذه ليست إلا جرائم دولية إرهابية وحقائق مطروحة على الساحة الدولية يندى لها الجبين، لكن بالمقابل نرى تفاقم التردي في الوضع السياسي الدولي حيال محاربة الإرهاب، بل وبالمعنى الصحيح نرى تخاذلاً دولياً يدّعي الديمقراطية وحقوق الانسان داخل حدوده، أما ما يجري داخل حدود سورية فليس إلا متاجرة بالقوانين وقلب الحقائق بذرائع تضمن استمرار ذرف دماء الأبرياء بأيدي الإرهابيين، ليس هذا وحسب بل تقوم القوى المعادية بتصدير التشويهات الإعلامية والسياسية التي تدعي أن العصابات الإرهابية معأرضة أسموها معتدلة، ويسعون لتشويه الحقائق عن استخدام الكيميائي في سورية، الذي ضربت به المجموعات الإرهابية في سورية أكثر من مرة وأكثر من موقع المدنيين الأبرياء، وتم تشويه الحقائق إعلامياً استدعت حراكاً سياسياً معادياً آخر تجاه سورية وشعبها. والسؤال الجدير ذكره هنا: هل الجيش السوري الذي يضحي بحياته من أجل أمان الشعب السوري هو الذي يستخدم الكيميائي في سورية، أم العصابات الإرهابية التي تمتهن الأشلاء وتقطيع الرؤوس إضافة إلى الدروع البشرية هم الذين يستخدمون الكيميائي؟ مفارقة ملّ منها العقل حيال الاستهانة به بما يصدرونه إرهاباً ميدانياً دولياً وفكرياً.

العدد 1136 - 18/12/2024