مرة أخرى حول سرقة المعونات
إن ظاهرة الاتجار بالمعونات الإغاثية قد تحولت إلى مهنة يشرف عليها ويقودها ويستثمر بها محدثو النعمة، ومحتكرو قوت الشعب.
لقد أصبحت مهنة رائجة تجلب لهؤلاء المحتكرين أرباحاً طائلة، في الوقت الذي لا يشعر المواطنون الفقراء والمهجرون بأي وجود للدولة. ورغم التصريحات الجوفاء لأعضاء جمعية حماية المستهلك والمسؤولين عن الأجهزة التي تتولى مسألة التموين ومراقبة الأسواق، والتي لا يشعر المواطن بأي تأثير ملموس لها على أرض الواقع، فإن عملية الاتجار بالمواد الإغاثية والمعونات قد استفحلت ولم تعد تصل إلى مستحقيها الفعليين.
لقد عبر الكثير من المواطنين عن قناعتهم بأن هذه المساعدات تتم سرقتها من بعض المتنفذين، ومن الذين لهم وزنهم، ومن قبل الجهات المسؤولة عن عملية توزيعها للمواطنين في كل المحافظات السورية. ويمكن رؤية هذه المواد معروضة للبيع على البسطات، وفي المحال التجارية، وهذا الأمر أصبح غير مقبول بتاتاً، إن هذه المعونات مخصصة للتوزيع مجاناً، وهي غير مخصصة للبيع، وهذا الأمر يتنافى مع المبادئ الإنسانية التي يتغنى بها من يشرف على توزيعها.
لقد أصبح واضحاً أن تأثير الاتجار بالسلع الإغاثية في السوق السوداء خطير جداً، فمن جهة ينعكس سلباً على الاقتصاد والصناعة السورية، ومن جهة ثانية يجلب أرباحاً خيالية لتجار الأزمة والأثرياء الجدد، ويحرم من جهة ثالثة المستحقين لهذه المعونة، الذين خصصت أساساً لهم.
ومن هنا فقد آن الأوان لكي تتخذ الدولة تدابير حازمة من أجل منع هؤلاء المحتكرين من استغلال هذه المعونات الإغاثية لمصلحتهم، وتشديد مراقبتها على الأسواق، وعلى من يروج هذه المساعدات، ومن الضروري أيضاً إعادة النظر بطرائق توزيع هذه المساعدات، بحيث لا يستطيع أولئك الذين لا ضمير ولا وجدان لهم من التلاعب بمخصصات المحتاجين من أبناء شعبنا الذين وقعت على كاهلهم كل تبعات هذه الحرب الإجرامية التي تخاض ضد سورية.
لقد آن الأوان أن تنطبق أقوال الحكومة على أفعالها، وأن يتلمس المواطن ويشعر بحرصها على صحته وكرامته وعيشه الكريم.
إن مصداقية الحكومة على المحك، ولن تستعاد أبداً إلا عبر صدقها مع المواطن، والعيش مع معاناته، فهو رافع الوطن، وهو الذي يستحق أن تعمل الحكومة بكل ما تستطيع من قوة لأجله، ولأجل مستقبل الوطن.