حياتنا في مركز الإيواء
في ظل الواقع الذي نعيشه، والأزمة التي نمر بنا، اضطررنا مثل أغلب الناس أن نترك منزلنا الذي نقطن فيه ونذهب إلى مكان أكثر أمناً واستقراراً، فآل بنا الحال أن نأتي إلى مركز لإيواء المهجرين من منازلههم. وهنا بدا الحلم بالعودة إلى المنزل يتوسع في قلوبنا وعقولنا.
أتيت مع والدي وإخوتي الثلاثة إلى المركز، فقام المسؤولون عنه بإعطائنا كل ما يلزم من فرش وطعام، إضافة إلى غرفه اقتسمناها مع عائلة أخرى، فوجدنا الفرق الشاسع الذي حدث معنا، فمن منزل من غرفتين وفسحة سماوية إلى نصف غرفة لنا جميعاً.
ومع هذا كله لم نتأقلم لولا أمي وجهدها الكبير في جعل هذه الغرفة تمثل منزلنا بأكمله، فهي المطبخ وغرفة الجلوس وغرفة النوم، أي ثلاثة بواحد كما يقال.
حاولت أمي أن تصنع لكل شخص من أفراد عائلتنا الجو الذي يعجبه من مكان وضع الملابس والأغراض الشخصية، وهكذا.
وبكلامها الداعم لنا وعن أننا يجب أن نكون أقوياء في وجه هذه المحنة، وعن الألفة التي يجب أن تكون بيننا وبين المهجرين هنا، استطاعت أن تنقذنا من جحيم التعب النفسي، فكلمات خرجت بحرقة من أمي عندما قالت: هذا سيكون بدل منزلنا القديم، ويجب أن نتأقلم مع هذا الجو، وكل ما يحدث معنا حدث مع غيرنا وصمتت.. ولكن هناك أمور لايمكن أن تعوضنا عن بيتنا مهما كانت الأسباب.
فمثلاً المرأة تتحمل مسؤولية أسرتها كاملة، بسبب وجود رب الأسرة العاطل عن العمل، فهنا يجب أن تعتني بزوجها وأطفالها، وتسعى لكي يكون مصروفهم بأقل التكاليف. وهذا طبعاً غير الاعتناء بالغرفة وبنظافة أطفالها، لأنهم دائماً يلعبون ويركضون في الباحة، فتسعى دائماً لنظافتهم وترتيبهم، وهذا غير الغسيل على اليد الذي يهلك هذه الأم المسكينة فتشقى أضعافاً عن منزلها. والرجل هنا لايقدر إلا أن يكون متسلطاً وأنانياً بمعاملته مع المرأة فيجعل عبء الأعمال كلها عليها.
أتساءل كثيراً: لماذا دائماً على المرأة التفكير في كل شيء والاعتناء بكل شيء وحدها؟ وحتى أيضاً كتب عليها أن تعمل كل شيء وحدها في المنزل أو أي مكان تذهب إليه، وعليها تحمل مسؤولية الأمور كلها؟ كأنّه كتب عليها الشقاء و(التعتير)؟ لكن ما أتمناه حقاً أن يعود بلدنا آمناً للجميع.
قمر الخطيب