يهوه.. يبارك دولاً ويلعن دولاً!

د. أحمد ديركي:

يحقّ لممثل الإله أن يلعن من يشاء ويبارك من يشاء. فقد كلفه الإله بحكم الأرض ونشر الدعوة في بقاعها. كلّ من يتجرّأ على قول (لا)، لممثله، يُحكم بالاعدام. حكم الاعدام لا يميز بين طفل رضيع، أو امرأة، أو مسن، أو جريح، أو حتى مصاب بعاهة عقلية.

فها هو ذا ممثل يهوه على الأرض، بحركته السياسية المعروفة بالصهيونية، ويده الضاربة، يجول في أروقة الأمم المتحدة ومنابرها، التي هي أصلاً بخدمته، ويخطب وهو يحمل خريطة للعالم الإسلامي، إن وجد فعلاً لا قولاً هذا العالم، ويرسم خطاً واضحاً يقسمه إلى دول (مباركة) باركها يهوه، من قبل ممثله. دول قبلت بإذلالها من قِبل يهوه وانصاعت له، وتركع عند قدميه مقدمة له طقوس العبودية. ودول يعتبرها يهوه (ملعونة)، ولذلك عليه تدميرها وإخضاعها بالقوة لسلطته العنصرية لاستكمال فريق عبوديته.

خطاب أُلقي من على منبر يعتبر منبراً مبرراً لممثل يهوه لكل جرائمه ضد الإنسانية، وتمزيق القرارات الدولية، التي هي أصلاً صدرت لصالحه، والقوانين الدولية المستخدمة لمصلحته…

فهذا الهيكل المسمى بالأمم المتحدة، شرعن حل الدولتين، وهو تشريع خياني ضد فلسطين. قرار بداية أعطى المحتل، ممثل يهوه، شرعية وجوده على أرض لا حقّ له بها. ومن ثم أصدر هذا الهيكل كل القرارات المؤيدة لجرائمه وعنصريته إلا ما ندر منها، وصولاً إلى القرار 1701. قرار يخدم مصلحة يهوه ويؤمن له الأمن والاستمرار بارتكاب مجازره. كما أن هذا الهكيل قبل العضوية الكاملة لممثل يهوه، على الرغم من أن قبول عضويته يخرق قوانين الهيكل المسمى الأمم المتحدة.

يهوه جشع وممثله على الأرض يطبق أقواله بالأفعال، كي لا يبقى كلام يهوه مجرد أقوال بلا أفعال. فاستكمل مجازره بالشعب الفلسطيني، واغتصب معظم أرض فلسطين، وأراضي دول عربية، وطبّع علاقاته مع أخرى لتكون في خدمته، وخدمة مشروعه الاستعماري. ومن لم يطبّع علناً بانتظار دور مباركة ممثل يهوه له.

منذ قيام ممثل يهوه على أرض فلسطين والشعب الفلسطيني يقاومه، وكذلك اللبناني، وكل الشعوب حاملة لواء التحرير والتحرر من نير الاستعمار أينما وُجد. وها هو ذا يهوه عبر ممثله قرر أن يأكل كل مقاوم له، أو حتى من يقول له إنك تجاوزت حدود جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. فهجم على غزة يقتل أطفالها ونسائها وشيوخها ويدمرها، وحالياً يستكمل فعلته الإجرامية هذه في لبنان، وفي اليمن. فهو يقتل بلا هوادة وبلا رحمة كل من يوجد على الأرض التي يقصفها. حتى الهيكل المسمى الأمم المتحدة لم يعد ضمن الهياكل (المباركة) منه، لأن هذا الهيكل لم يبرر كل أفعاله الإجرامية، بل برر جزءاً كبيراً منها، فأصبح هذا الهيكل المسمى الأمم المتحدة لممثل يهوه (مهزلة مثيرة للازدراء).

ولا يتوقف الأمر عند يهوه وممثله هنا، بل هدد بضرب أي بقعة لا يباركها، ففعلها. الأمر المثير للسخرية أن ممثل يهوه يقول ويفعل، والدول غير (المباركة) منه تقول ولا تفعل! فها هو ذا ممثل يهوه يغتال من يشاء على أرض عربية منتهكاً سيادتها، ويحتل جزءاً منها، وهي ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، وهذه الدولة العربية لم تحرك ساكناً! عفواً لقد حركت ساكناً، فقد أصدرت بياناً استنكارياً.

هل يهوه وممثله بهذه القوة الباطشة عالمياً؟ كلا. يهوه وممثله مجرد نموذج خلقته الامبريالية العالمية لتقول لكل مقاوم لنمط الإنتاج الرأسمالي سوف نقتلك أينما كنت! من يقاوم يهوه وممثله يجب أن يعي أنه لا يقاوم يهوه وممثله بل يقاوم نمط الإنتاج الرأسمالي.

فالأنظمة السياسية بكل أشكالها، تتبع نمط الإنتاج الرأسمالي، بكل صيغه التطورية، تمنح يهوه وممثله هذه القوة الباطشة. من يقاوم يهوه وممثله هم الشعوب لا الأنظمة. شعوب ترفض العبودية وتطمح إلى التحرر والتحرير. شعوب أوجدت صيغها المقاومة ليهوه وممثله، من فلسطين إلى لبنان إلى داعميها أينما وجدوا. فكل متظاهر ضد يهوه وممثله، وكل مقاوم بالسلاح، أو بالكلمة، يقاوم العبودية التي يفرضها نمط الإنتاج الرأسمالي.

لسنا بحاجة إلى (مباركة) يهوه وممثله وأمثاله، فالأحرار ليسوا بحاجة إلى (مباركة) تذلّهم، بل الأحرار المقاومون، بكل الأشكال المسلحة وغير المسلحة، هم من يبارك فعل التحرير والتحرر.

العدد 1128 - 16/10/2024