منافسة انتخابية شرسة!
د. صياح فرحان عزام:
مع اقتراب موعد حسم الانتخابات الأمريكية الرئاسية، يزداد الاستقطاب الحاد، وتظهر الخلافات الخطيرة، وقد دخلت هذه الانتخابات أيامها الحاسمة بعد أن قرر الحزب الديمقراطي الذي عقد مؤتمره مؤخراً ترشيح كامالا هاريس (نائبة الرئيس الحالي بايدن) لتخوض الانتخابات القادمة ضد المرشح الجمهوري ترامب، مع نائبها المفترض تيم والز.
في اليوم الثاني من المؤتمر، قدّم الرئيس الأسبق أوباما وزوجته ميشال دعماً غير محدود لهاريس، عبر خطابين، كان لهما أثر بالغ في المراهنة على فوزها لتكون المرأة الأولى التي تصعد إلى سدّة البيت الأبيض في تاريخ الولايات المتحدة، وهو الحلم الذي فشل الديمقراطي في تحقيقه عام 2016 عندما هزم ترامب منافسته هيلاري كلينتون.
والجدير بالذكر أن الحملة الانتخابية للديمقراطيين شهدت زخماً قوياً لم يكن موجوداً عندما كان بايدن هو المرشح للرئاسة، إذ باتت هاريس تتقدم في استطلاعات الرأي، خاصة في الولايات المتأرجحة.
ويُجمع العديد من الخبراء على أن الاقتراع الرئاسي الأمريكي المقبل في تشرين الثاني من هذا العام، سيكون حاسماً، وتحفّ به مخاطر وانزلاقات متعددة، وإذا فازت هاريس فسيُفتح الباب للديمقراطيين لإدارة البيت الأبيض سنوات أخرى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى سيشكل فوزها (نصراً) للدول الأوربية المتخوفة من قدوم ترامب وتغيير سياسة واشنطن. وبالمقابل هناك تخوف من نتيجة هزيمة ترامب الذي يتهمه بايدن بالتحريض وبأنه من الممكن ألا يقبل النتيجة إذا فازت هاريس.
المعركة الانتخابية إذاً على أشدّها، واستطلاعات الرأي تتأرجح بينهما، ولكلّ مرشّح مقوّماته التي قد ترجّح كفته.
فترامب كما يرى كثير من الأمريكيين رجل المهمات الصعبة، إذ تمكّن من إيجاد طريق مشترك مع روسيا وكوريا الديمقراطية، ولم يسبقه إلى ذلك أي رئيس سابق، كما استطاع تجاوز الاتهامات الموجهة إليه، وكسب ثقة الجمهوريين ليكون مرشحهم نحو البيت الأبيض.
في المقابل، تتمتع هاريس بشعبية كبيرة بين الحركات النسائية والمهاجرين، كما أنها تمكنت بذكائها من سدّ الفجوة بينها وبين ترامب في الولايات الثماني الحاسمة، ومنها بنسلفانيا التي ستلعب دوراً مهماً في اختيار الرئيس الجديد.
الشارع الأمريكي قرّب المسافة بين المرشحين، إذ أظهر استطلاع للرأي أن ترامب يحظى بتأييد 48% من الناخبين، بينما تتمتع هاريس بـ47%، ولكنه سيقول كلمته الفصل في الانتخابات التي ينتظرها الجميع.
ومنذ أن أعلن عن تسميتها مرشحة تظهر هاريس في صورة ضاحكة ومتفائلة بالنجاح، كما أفصحت أيضاً عن لهجة لاذعة في انتقاد ترامب وتبيان ما عليه من مآخذ وما في شخصيته من نقاط ضعف، ومن ذلك على سبيل المثال تصريحها الحاد بأنها بحكم عملها مدّعيةً عامة، كانت تتعامل مع مجرمين من جميع الأنواع ومع محتالين وغشّاشين خالفوا القوانين لتحقيق مكاسب خاصة، حسب تعبيرها، وأنها تعرف نوع دونالد ترامب، واضعةً إياه في خانة المجرمين الملاحَقين.
بالمقابل، سخر ترامب منها بقوله: إنها امرأة وملوّنة وفاقدة للكاريزما السياسية المطلوبة في شخص رئيس أمريكا.
على كلّ حال، ستجري قريباً أول مناظرة بين ترامب وهاريس، ويُفترض أن يظهر كلٌّ منهما مهاراته وقدراته على الإقناع، وجذب المؤيدين ولاسيما من الشباب إلى جانبه أثناء عملية الاقتراع بعد شهرين تقريباً.