ورود للربيع
محمد أنجيلة:
انهضي أيتها العاشقة الصابرة، وانثري ورودكِ، فالربيع قادم! واضرب أيها السوري بقدمك الأرض النائمة، لتتفجر ينابيع الحب والشعر والحياة! اعزف قيثارة للقصيدة من روضة دمشقية قديمة.
لملِم أشلاءكَ وأشلائي وتعال نبني الأرض! دع سيفك وتناول معولك فروحي المتعبة تشتاق للبيدر بعد الغلّة، بعد أن خذلتني كلّ الأمكنة!
صحوت مضطرباً وأنا لا أدري هل حقاً تعبَت الأرض من فسادنا وترّهاتنا. ومن حملنا الثقيل؟!
أم تعمّدت ذاك الضجيج المميت.. كي لا نشعر برحيل تلك الأرواح البريئة من حولنا وتنفطر قلوبنا مرتين ومدى الحياة.
كفى رحيلاً بلا وداع أو عناق.. فقد خذلنا الزمن والبشر والكون
ستّون ثانية تساوي مليون عامٍ ممّا نعدّ، لكن لم يودّعنا أحد. ألم تشبع حيتان الأرض من لحومنا؟! ألم تتشفى وحوش الكون من أجسادنا. لم يبقَ مارق أو تاجر في الكون لم يأخذ حصته من فقء عيوننا. كل الأرواح البريئة بقيت متمسكة بخيوط الشمس لعلها تتسلل خلسةً، لعلها تسطع بنورها وينبلج الخلاص. لكن هيهات قبل أن تخذلنا الأرض.. وتلفظنا للمتاهات. كنا نموت كل يوم ونحيا ألف مرة لأننا نحب الحياة.. والفرح.
اليوم ظننت أن أحداً أتفق مع تقاسيم الأرض وفراغاتها.. أمسك بصخورها وفسح الطريق لتلفظ مكنوناتها الغاضبة.
ليرحل من يرحل.. وليبقَ من يبقى!
لا الغلاء قتلنا.. لا البرد لسعنا.. ولا الشمس الحارقة شوتْنا.. ولا الجوع ولا موت القمح وسرقته.. ولا لصوص الحرب وسماسرته.. ولا غياب الدفء، ولا رجفة اليدين أنهكتنا.
بقينا نحب الحياة.. حتى خذلتنا الأرض!
ربما تعبت منا لكثرة ما اغتصبناها.. إنه زمن التعثر؟ ولابدّ من ولادة الياسمين الأبيض.. مزهوّاً بنكهته السورية المميّزة.