هل يحتاج بعض سياسيّي السويد إلى (حجر صحي) على تصرفاتهم؟

طلال الإمام – السويد:

بعيداً عن المشاعر والعواطف التي تتأجج بفعل حادثة أو حوادث، تحتاج موجة الجنون الجارية إلى وقفة عقلانية ومحاولة الإجابة عن تساؤلات عدّة. الحديث يدور عن تصاعد موجة عمليات حرق القرآن في السويد وتداعياتها.

لمصلحة من؟ من المستفيد ومن المتضرر من هذه العمليات الاستفزازية؟ حتى الآن جرت عدة عمليات حرق تحت حماية البوليس وبموافقة غير معلنة من الحكومة السويدية التي كان بمقدورها ان توقف هذه العمليات بعد أول عملية حرق وبشكل خاص حجم الإدانة الواسعة لهذا الاستفزاز من قبل حكومات وهيئات دينية، رسمية وشعبية. الادعاء بأن هذه الأعمال الاستفزازية تندرج تحت بند حق التعبير والمبادئ الديمقراطية أو بقرار من القضاء يحتاج إلى وقفة خاصة من حيث تعاظم اليمين المتطرف وازدواجية المعايير السائدة في البلدان الأوربية. كان يمكن للشرطة والحكومة اتخاذ إجراءات محددة تمنع تلك التصرفات الاستفزازية، لأنها تلحق ضرراً بالسلام الاجتماعي الداخلي وتزيد التشنج، كما تلحق ضررا بسمعة السويد الخارجية ومصالحها الاقتصادية.

نعتقد أن المستفيد الأكبر من تلك العمليات وردات الفعل عليها هم المتطرفون من كلا الطرفين، إذ ستكون حجة لزيادة تصاعد النزعات العنصرية من جانب أحزاب يمينية عنصرية ذات أصول نازية في السويد من جهة، ومن متطرفين أجانب ذوي أصول دينية. إن حرق الكتب المقدسة مدانٌ بالمطلق مثله مثل ردّات فعل من شاكلة اقتحام السفارة السويدية في العراق وحرقها.

ثمة أساليب عديدة سياسية واقتصادية وحقوقية للتعبير عن الاحتجاج. أعتقد أن الحكومة السويدية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عما جرى ويجري من تداعيات السماح بحرق الكتب الدينية وبشكل استفزازي كما جرى أمام السفارة العراقية في ستوكهولم، إذ لم يكتفِ الفاعل بحرق القرآن بشكل استفزازي، بل وحرق العلم العراقي وأطلق شعارات عنصرية بحماية الشرطة السويدية. وهذه المسألة مازالت تتفاعل لدرجة سحب السفراء بين البلدين والإعلان عن مقاطعة العراق البضائع والشركات السويدية.

مرة أخرى من المستفيد؟ ولماذا؟ لماذا لم تتعظ الحكومة السويدية من ردات الفعل المبرّرة أو غير المبررة منذ أول عملية حرق للقرآن، ولماذا لم تمنع هذه التصرفات الضارّة، كما فعلت العديد من البلدان الأوربية؟ إن كان السياسيون السويديون لا يدركون عواقب تلك الاستفزازات فتلك مصيبة، أما إن كانوا يدركون ويستمرون بها خدمة لأجندات داخلية وخارجية بالضد من مصلحة السويد وسمعتها، فتلك مصيبة أكبر.

توجد في قوانين وشرائع العديد من البلدان ما يسمى بفرض الحجر والحجز على تصرفات شخص إذا اعتُبرت تصرفاته غير عقلانية، وتلحق الضرر بنفسه أو بالآخرين وأنه غير قادر على إدراك واختيار ما هو صحيح في سلوكه وتصرفاته، لذلك يجري الحجر على تصرفاته ويوضع شخص أو جهة مكلفة بالتصرف نيابة عنه.

تُرى هل يحتاج بعض السياسيين السويديين إلى وضع وصي وفرض حجر على تصرفاتهم من أجل مصالح السويد وسمعتها؟ ويبقى السؤال من المستفيد من كل ما يجري؟

العدد 1104 - 24/4/2024