عودة ميمونة!

محمود هلال:

فتحت المدارس أبوابها معلنة ابتداء عام دراسي جديد، وكما يقال سنة من سنة قريبة وبذلك بدأ العد التنازلي منذ اليوم الأول في المدرسة ولا شك، عاد رياحين الطفولة إلى مدارسهم عودة ميمونة يحدوها الأمل والتفاؤل بالنجاح وبالمستقبل المشرق.

فقد توجه يوم الأحد 4/9/2022 ملايين التلاميذ والطلاب السوريين من جميع مراحل التعليم (رياض أطفال وأساسي وثانوي عام ومهني ومعاهد إعداد مدرسين) إلى مدارسهم ومعاهدهم، وتلونت في ذلك اليوم من جديد شوارع مدننا وقرانا وطرقاتها بالأزرق والزهري، واكتظت بفراشات وعصافير وأسراب من البواشق واليمام هنا وهناك، مسرعين إلى مدارسهم، معلنين بداية المشوار الدراسي لهذا العام.

وقد سبق بدء العام الدراسي حملة استنفار من الأهل لتأمين المستلزمات المدرسية للأبناء، من لباس وكتب وقرطاسية وغيرها، الأمر الذي بات عبئاً كبيراً مع الارتفاع الجنوني للأسعار، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، وبعملية حسابية بسيطة تخص تكاليف المدرسة فقط، نجد أن كل تلميذ يكلف أهله بداية كل عام نحو 100 ألف ليرة كحد أدنى، فكان الله بعون رب الأسرة التي فيها أربعة أو خمسة تلاميذ، فكم يحتاج المعيل من القروض والسلف؟

بالمقابل جرى استنفار عام في جميع المحافظات لتجهيز المدارس قبل بداية العام الدراسي، وأعتقد أن من المهم جداً الاهتمام بالمدارس وتجهيزها بكل ما يلزم، من مياه للشرب والكهرباء لتفادي موجة الحر المرافقة لبداية العام الدراسي.

أما فيما يخص العملية التعليمية والتربوية، فيجب الارتقاء بها وتطوير المناهج المدرسية باستمرار، وذلك بتقديم المنهاج الذي يوسع مدارك التلميذ ويخاطب عقله بحيث يصبح قادراً على الابتكار والإبداع والعطاء، ويخلصه من أسلوب التلقين وحفظ البصم وحشو المعلومات في رأسه من أجل أن يمتحن بها في نهاية العام، ويضع نقطة في آخر السطر، وتتوقف العملية التعليمية عند هذا الحد.

أعتقد أيضاً أنه بات من الضروري جداً الاهتمام بالدروس العملية والتطبيقية، وأن تكون مواكبة للدروس النظرية وألّا تبقى شكلية، مع ضرورة تأمين كل مستلزماتها من مخابر وأدوات وغيرها، وكذلك لابد من تأمين الكوادر التدريسية الجيدة والقادرة على القيام بأعباء العملية التعليمية منذ بداية العام الدراسي.

وأخيراً نشدد على الدور الهام الذي يمكن أن يقوم به الأهل، بألا يقتصر على شراء المستلزمات المدرسية عشية العام الدراسي فقط، بل المطلوب منهم المتابعة الحثيثة لأبنائهم في المنزل والمدرسة، والسؤال دوماً عن أوضاعهم الدراسية وسلوكهم، وبذلك تتكامل العملية التعليمية والتربوية، ويعود فلذات أكبادنا إلى مدارسهم عودة ميمونة بالنشاط والاجتهاد، وعندئذ نستطيع أن نحلم بالغد الأفضل لأبنائنا ولوطننا.

العدد 1104 - 24/4/2024