فرنسا: يسار منقسم على نفسه ومبادرات شعبية لتوحيد قواه

ماهر الشريف:

قبل نحو ثلاثة أشهر من انتخابات الرئاسة الفرنسية، تبدو القوى اليسارية منقسمة على نفسها أكثر من أي وقت مضى، وهي تواجه الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، الذي يرجح جميع المراقبين أنه سيتقدم بترشيحه إلى الانتخابات قريباً بصفته ممثلاً لـ (يمين الوسط)، واليمين التقليدي (الديغولي) الذي تمثّله هذه المرة سيدة هي فاليري بكريس، وأقصى اليمين ممثلاً برئيسة (التجمع الوطني) مارين لوبين، وبالوجه السياسي الجديد والصحافي السابق إيريك زيمور الذي يقف حتى على يمين لوبين. وبينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن ممثلَي أقصى اليمين الاثنين قد يحصلان على أكثر من 30 % من أصوات المقترعين، لا يبدو أن ممثلي اليسار سيتجاوزون عتبة الـ 25 %، في ظل خلافات عديدة بينهم حول الموقف من الاتحاد الأوربي ومستقبله، وحول علمانية الدولة، وحول الهجرة، وحول مسألة البيئة ومسائل أخرى عديدة.

أما أبرز ممثلي هذا اليسار فهم جان- لوك ميلانشون، مرشح حزب (فرنسا الأبية) الذي تشكّل في شباط (فبراير) 2016 وتمنحه الاستطلاعات ما بين 10-11 % من الأصوات، ويانيك جادو ممثل (حزب الخضر) وتمنحه الاستطلاعات نحو 7 % من الأصوات، وفابيان روسيل ممثل الحزب الشيوعي الفرنسي وتمنحه الاستطلاعات نحو 2 % من الأصوات، وآن هيدالغو عمدة باريس وممثلة الحزب الاشتراكي الفرنسي وتمنحها الاستطلاعات نحو 4 % من الأصوات، بينما يتقاسم مرشحون آخرون، ينتمون إلى أحزاب تروتسكية، مثل حزب (كفاح عمالي)، وأحزاب من (يسار الوسط)، بقية الأصوات.

وكانت ممثلة الحزب الاشتراكي قد اقترحت قبل أسابيع إجراء انتخابات تمهيدية لاختيار مرشح واحد لليسار يخوض الانتخابات الرئاسية، إلا أن اقتراحها هذا رفضه معظم منافسيها في معسكر اليسار. وفي المقابل، بادر عدد من اليساريين المستقلين، أو المنتمين إلى أحزاب يسارية مختلفة، إلى اقتراح إجراء انتخابات تمهيدية شعبية، بغض النظر عن مواقف مرشحي أحزاب اليسار، وأعلنوا أنهم سيشاركون في الحملة الانتخابية للمرشح اليساري الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في هذه الانتخابات. وقد حظي هذا الاقتراح حتى اليوم بتأييد نحو 311000 من الفرنسيين والفرنسيات، سجّلوا أسماءهم/هن للمشاركة في هذه الانتخابات التي ستجري عبر التصويت الإلكتروني ما بين 27 و30 كانون الثاني (يناير) الجاري. كما دعا 1543 من الأعضاء اليساريين في المجالس البلدية والمناطقية المنتخبة، في بيان نشروه في الصحافة، إلى إجراء (انتخابات تمهيدية مفتوحة، مواطنية وشعبية) لاختيار مرشح واحد لليسار.

فهل يستمع مرشحو أحزاب اليسار لصوت قاعدتهم الانتخابية، أم سيوفرون، بامتناعهم عن توحيد قواهم واختيار مرشح رئاسي واحد منهم، الفرصة لكي تدور انتخابات الدورة الثانية الرئاسية ما بين مرشح (يمين الوسط) ومرشح اليمين التقليدي أو مرشح أقصى اليمين؟

العدد 1105 - 01/5/2024