هل سننتظر التوقيت الأمريكي؟

كتب رئيس التحرير:

منذ بداية الأزمة والغزو الإرهابي، كان واضحاً أن المطلوب أمريكياً وصهيونياً إزاحة (العقدة) السورية أمام استباحة الكيان الصهيوني للشرق الأوسط.. وشمال إفريقيا أيضاً.

ورغم اندحار الإرهابيين، بفضل التضحيات الأسطورية لشعبنا، وبطولات جيشنا السوري الباسل، واستعادة معظم الأرض السورية، تحوّل الأمريكيون وشركاؤهم إلى السيناريو الاخر: (إرهاق السوريين ودولتهم)، ومنع أي انفراج لأزمتهم، بهدف إركاعهما، وتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه عن طريق الغزو والعدوان المباشر.

السلوك الأمريكي اليوم أصبح واضحاً للجميع: لن تُحَلّ الأزمة السورية إلا بإرادتنا، واستناداً إلى وقائع نحن من يصنعها، ووفق شروط نحن من يقرّرها.. ومع أطراف نحن من يسمّيها، وفي وقت نحن من يحدّده.

التوقيت الأمريكي يعني حسب اعتقادنا:

1- اكتمال خطة الضغط السياسي والاقتصادي والعسكري.

2- اكتمال حشد الأنصار بين حلفائهم الواهمين (بالانفصال والتقسيم)، بعد وضعهم بين سندان الحماية الأمريكية المشروطة ومطرقة التهديد التركي بالاستباحة.

3- مقايضة حلفاء سورية عن طريق حلحلة ملفات سياسية واقتصادية تهددهم وتسعى الإدارة الأمريكية إلى تعقيدها يوماً إثر يوم.

4- إفهام الجميع أن الرضا الأمريكي مرهون بلجم محور المقاومة، والركض باتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأن التوقيت الأمريكي هنا هو توقيت الصهاينة.

5- توقيت الأمريكيين مرهون باكتمال زرع اليأس بين أوساط من دفعوا الدم، وهجّروا، وشدّوا على البطون، ويلوبون اليوم على الغذاء والدفء والدواء، بعد أن دخلوا قسراً إلى خانة الفقر.

6- التوقيت الأمريكي مرتبط بإرضاء أردوغان وطموحاته (السورية)، ولو كانت على حساب حلفاء لم يدرسوا عِبَر ودروس (الثقة) بالدولة الأكثر عدوانية في التاريخ الحديث.

فماذا نحن فاعلون؟!

السياسة الوطنية السورية لم تحابِ الأمريكيين منذ أن تسلموا مقاليد التوجيه، والتخطيط للمنطقة العربية في خمسينيات القرن الماضي، ولمس السوريون لمس اليد تناقض السياسات الأمريكية مع طموحاتهم الوطنية والقومية والديمقراطية، وجاء الدعم السياسي والعسكري غير المحدود، الذي أبداه التحالف الدولي المعادي لسورية بقيادة الأمريكيين، للغزاة الإرهابيين، ليؤكد لجميع السوريين أن طموحاتهم الوطنية في السيادة ووحدة الأرض والشعب، وخروج الاحتلال الصهيوني والأمريكي والتركي من الأرض السورية، وطموحاتهم السياسية إلى دولة ديمقراطية.. علمانية، تضم جميع الأطياف والمكونات الدينية والإثنية، وطموحاتهم الاقتصادية والاجتماعية إلى تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة وشاملة، جميع هذه الطموحات تصطدم اليوم بالتوقيت الأمريكي..

فماذا نحن فاعلون؟!

إنه طريق واحد.. ويعرفه أصدقاء أمريكا وأعداؤها: المقاومة، وبجميع أشكالها، ورفض التوقيت الأمريكي؛ فلنجعل أرضنا بركاناً تحت أقدام المحتلين، فهي الطريقة التي خبرتها الشعوب المناضلة ضد الهيمنة والاحتلال.

وفِّروا مستلزمات صمود شعبنا، وخلّصوه من منغصات يعتمد على استدامتها الأعداءُ في الخارج والداخل، لزرع اليأس!

وحِّدوا إرادة السوريين عبر حوار وطني شامل يضم جميع الأطياف السياسية والإثنية والاجتماعية!

كافِحوا المرتزقين من استمرار الأزمة من أثرياء الحرب ومقتنصي الفرص وأسياد الفساد!

حينئذٍ، لا التوقيت الأمريكي.. ولا التوقيت الغربي.. ولا التوقيت الصهيوني سيفعل فعله.. بل التوقيت السوري.. السوري فقط.

العدد 1104 - 24/4/2024