فايز جلاحج.. الرفيق.. المعلم.. الإنسان

المحامي فؤاد البني:

تعرفت عليه منذ ما يزيد عن أربعين عاماً، في العديد من الاجتماعات الحزبية القاعدية، قائداً شيوعياً يقود العمل الحزبي موجهاً وداعياً وشارحاً لسياسة الحزب وعارضاً لها ومضيفاً إليها من مخزونه الفكري والنضالي، وكانت أولى لقاءاتي به عن قرب نظراً لممارسته مهنة المحاماة مدافعاً عن حقوق الطبقة العاملة، عندما تعرّضت لظلامة أثناء وجودي على رأس عملي في إحدى شركات قطاع النسيج، بسبب موقفي السياسي الذي أصبح معروفاً في ذلك الحين، فقد تقدمت بدعوى عمالية لمواجهة الشركة كان الأستاذ فايز مدافعاً عني، واستحصل لي على حكم قضائي أعاد لي حقوقي المادية والمعنوية التي كانت هدفاً لإدارة الشركة، ومحاولة منها لإقصائي وإيقافي عن العمل السياسي، في الفترة التي كنت فيها على وشك التخرج في الجامعة وحصولي على الإجازة في الحقوق، توجهت بعد ذلك إلى مكتب الأستاذ فايز وانتسابي إلى نقابة المحامين، فكنت أول المحامين المتمرنين في مكتبه، وقد فتح لي قلبه وعقله ومكتبه وعلمه، فكان المعلم الناصح والمثال الخلوق في ممارسة مهنة المحاماة، وتوالت مدرسة الأستاذ فايز في تدريب الزملاء المحامين المتمرنين الذين وصل عددهم إلى سبعة، أصبحوا جميعاً فيما بعد أسماء معروفة في ممارسة المهنة دفاعاً عن الحقوق والحريات العامة والخاصة.

فايز جلاحج لم يكن رفيقاً ومعلّماً لي فحسب، بل كان أيضاً الأخ والصديق والرفيق والمعلم، عشت وإياه شركاء في المكتب مدة خمسة عشر عاماً تقاسمت وإياه رغيف الخبز، وتسلمت خلال هذه السنوات شؤون المكتب بالكامل طوال هذه الفترة، ولم يسألني يوماً عن أي شيء سوى التدارس في شؤون العمل، لأن الثقة والأمانة التي يحملها ويتمثل بها يعطيها للآخرين.

فايز جلاحج الإنسان الهادئ المتزن والرصين، صاحب القلب الكبير المليء بالحب والثقة بالآخرين، المؤمن بأن الحياة لن تتوقف بل تسير دائماً إلى الأمام، والحالم بمستقبل زاهر لوطنه وللبشرية جمعاء.

فايز جلاحج.. لن أقول لك وداعاً، لأنك تسكن في القلب والذاكرة.

العدد 1102 - 03/4/2024