العمر يمضي.. وما زلنا على قيد انتظار

إيمان أحمد ونوس:

منذ لحظات تكويننا الأولى في أرحام أمهاتنا، نعيش الانتظار زاداً وقدراً..

انتظار لحظات الولادة.. انتظار دفقة الحليب الأولى.. انتظار الخطوة الأولى.. وانتظار طفولتنا بكل ما تحمله من عبق البراءة والشقاوة.. انتظار شبابنا المفعم بالفرح والآمال الكبيرة… وانتظار التخرّج والعمل وتأسيس حياة جديدة نخطّها بآمالنا المرسومة والموشومة بانتظار قد يطول أو يقصر تبعاً للقائنا بالشريك المناسب لرحلة أحلامنا الموشّاة بالحب والفرح.. وتستمر قائمة الانتظارات المديدة.

يمضي العمر ولا نشعر بكمّ انتظارنا لتحقيق ما رسمناه من آمال وأحلام وطموحات.. فاستغراقنا بأمور الحياة واحتياجاتها، وانغماسنا في العمل للوصول إلى أهدافنا لا يدع لنا مجالاً لجردة حساب لانتظاراتنا التي نلمس بعد مضي العمر أن بعضها ذهب أدراج الرياح ولم تُثمر عن تحقيق حلم أو أمل، لاسيما تلك الآمال المنسوجة بخيوط العدالة والمساواة والقضايا الإنسانية الكبرى!

يمضي بنا قطار الزمن والعمر، ونكاد نصل إلى المحطة الأخيرة، وحين نُمعن التفكير بما انتظرناه، نجد أننا انتظرنا سراباً، انتظرنا زمناً لم يساعدنا، وانتظرنا أشخاصاً عقدنا عليهم آمالاً عظاماً، لكنهم كانوا وهماً خادعاً.. انتظرنا تحقيق أفكار ورؤىً، اكتشفنا بعد مضي العمر أنها ليست سوى خديعة خَدّرنا بها أيامنا وحتى انتظاراتنا، أو ربما خُدِّرنا بها ممّن كانوا القدوة والمثل!!

لكن الانتظار الأكثر وجعاً وقهراً اليوم، هو انتظار السوريين أقدارهم الضبابية.. انتظارهم الوصول إلى شواطئ الأمن والأمان.. انتظارهم لكرامة وإنسانية سلبتهم إيّاها أبشع وأشنع وأفظع حرب شهدتها البشرية، فالسوريون اليوم معلّقون دائماً على حبال انتظارات لا تنتهي.. انتظار الحصول على أبسط حقوقهم الإنسانية، انتظار الماء والكهرباء.. وعلى قيد انتظار رسائل إلكترونية تشي بحصولهم على احتياجاتهم الغذائية، أو تشي بحقهم في الدفء المفقود منذ سنوات.. انتظار وسيلة نقل يكون لهم فيها موطئ قدم لا أكثر.. انتظار الحصول على سكن يليق بإنسانيتهم وإمكاناتهم.. وانتظار عودة بعضهم إلى بيوتهم التي غادروها مرغمين لكنها لم تغادرهم بما تعبق به من ذكريات!!

يمضي العمر وما زلنا ننتظر إنسانيتنا التي غادرتنا منذ سنوات.. غادرتنا وأخذت معها أحلامنا وحقوقنا وفرحنا وأماننا.. فإلى متى سيطول انتظارنا!؟

 

العدد 1104 - 24/4/2024