المتاجرة الأمريكية بقضية (الإيغور)؟
د. صياح فرحان عزام:
من الملاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية لم ولن تتوقف عن الخداع بأشكاله المختلفة، ومن هذه الأشكال (المتاجرة بقضية حرصها على حقوق الإنسان)، إذ يرى فيها الساسة الأمريكيون (تجارة رابحة)، وأداة لإثارة الانقسام والاضطرابات هنا وهناك، ووسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المناهضة للسياسة الأمريكية في العالم. ضمن هذا المسلسل ما أعلن عنه المتحدث باسم بعثة الصين الدائمة لدى الأمم المتحدة، وهو عزم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وبعض ما تسمى المنظمات غير الحكومية في نيويورك (وهي في الحقيقة واجهات مسيسة) على تنظيم ونشر سيناريو حدث حول ما يسمى (انتهاك حقوق الإنسان) في مقاطعة شينغ يانغ في الصين، وذلك في محاولة لاحتواء الصين وإحداث فوضى فيها، وتعطيل عجلة النمو المتسارع لها، في الوقت الذي تتسع فيه دائرة انتشار جائحة كورونا في العالم، التي تستدعي تضافر الجهود الدولية للحد من هذا الانتشار.
إن اختلاق الأكاذيب ونشر المعلومات الخبيثة والمضللة عن شينغ يانغ الصينية أمر متعمّد، علماً بأنه مناف للحقيقة، فخلال السنوات الماضية الأخيرة لم يحدث في شينغ يانغ أي خلل أمني أو اضطرابات، بل يعيش الناس هناك من جميع المجموعات العرقية في وئام تام، ويعملون بتعاون وسلام ومحبة.
وعلى مدى الستين عاماً الماضية، نما اقتصاد شانغ يانغ أكثر من 200 مرة، وارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ما يقارب الـ40 مرة، كما ارتفع متوسط العمر المتوقع للسكان من 30 مرة إلى 72 مرة، ونما عدد السكان الإيغور في شينغ يانغ من 5٫5 ملايين إلى 12 مليون نسمة في العقود الأربعة الماضية، وبناء على ذلك فإن الولايات المتحدة وحلفاءها هم من يحتاجون إلى مراجعة سوء معاملتهم للأقليات والمهاجرين في بلدانهم، وهكذا فإن إنجازات الصين في رعاية حقوق الإنسان وحمايتها واضحة للجميع، وأن الولايات المتحدة وغيرها من الجهات الراعية للإرهاب هم من يحتاجون إلى التفكير في سوء معاملتهم للأقليات في بلدانهم من السود والمهاجرين وغيرهم، وخاصة العرب والمسلمين.
غني عن الذكر أن واشنطن التي تدعي زوراً وبهتاناً أنها معنية بحقوق الإنسان، تقتل أبناءها من ذوي البشرة السوداء، وتعاملهم معاملة دونية، كما أنها قتلت وماتزال أعداداً هائلة من العرب والمسلمين في أفغانستان والعراق وسورية واليمن وليبيا وأنحاء أخرى من العالم، وفي الحرب والأعمال العسكرية التي بدأتها واشنطن تحت شعار محاربة الإرهاب، تسببت في مقتل مليون ضحية معظمهم من المدنيين، وتشريد عشرات الملايين من الأشخاص من منازلهم وأوطانهم.
إذاً، كيف يستقيم حرصها الكاذب على مسلمي الإيغور في شينغ يانغ الصينية، الذين يعيشون حياة هادئة وسعيدة مع عدم اهتمامها بتسببها في موت مليون عربي ومسلم في العراق وسورية وأفغانستان؟ وبالتالي فإن نفاقها ودوافعها الخبيثة والخفية واضحان لكل ذي بصر وبصيرة، وهذا ديدنها، فهي تسرب الإشاعات المغلفة لتبدو كأنها معلومات من قبل (مصادر موثوقة وضحايا)، وتروج لها في وسائل إعلامها، ويأتي بعد ذلك تدخلها المباشر رسمياً في شؤون الدول.
والجدير بالذكر أنه في الدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أعربت أكثر من مئة دولة عن دعمها بطرق مختلفة لموقف الصين بشأن شينغ يانغ، كذلك صدرت بيانات وتصريحات عن عدد كبير من رجال دولة غربيين وعلماء وساسة مستقلين ومؤسسات فكرية وإعلامية كشفت كذب واشنطن ونفاقها حول ما ادعته من أن الصين تمارس أعمالاً تعسفية أو إبادة جماعية في شينغ يانغ. ومن غير المتوقع أن تكف الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون عن ممارسة هذه الحيل، إذ تعمل أجهزتها الاستخباراتية والإعلامية على دعوة شهود وهميين وعلماء مزيفين لتكرار الأكاذيب بعد أن تغريهم بالمال.
وهناك أدلة أخرى على النفاق الأمريكي والغربي حيال شينغ يانغ منها:
– رفض الاستماع إلى 25 مليون شخص من شينغ يانغ ومن جميع المجموعات العرقية عن أحوالهم.
– غض الطرف عن 12 كتاباً أبيض و40 مؤتمراً صحفياً نفى مؤلفوها والمتحدثون فيها وجود أي تمييز عرقي أو ديني في هذه المنطقة.
– رفض السفير الأمريكي وسفراء غربيين الدعوة الصينية لزيارة شينغ يانغ والوقوف على أحوال سكانها.. لماذا؟ بالطبع لأنهم فقط يخشون الحقيقة.
الخلاصة
إن الحقائق تكشف كذب الولايات المتحدة وافتراءاتها بشأن دفاعها عن حقوق الإنسان، وكما تفعل في الصين الآن، مارست الولايات المتحدة هذا النفاق والكذب ولاتزال تمارسه في سورية، عندما أوجدت المجموعات الإرهابية وسلحتها ودفعتها لارتكاب الجرائم ضد الشعب السوري ودولته الشرعية تحت شعار المطالبة بالحرية وبحقوق الإنسان وبالعدالة، ولكن في نهاية المطاف أفضل ما نقوله ونردده: (إن حبل الكذب قصير).