سورية بلد الأصالة والجمال.. فأين القطاع السياحي من هذا؟

يارا بالي:

تُعدُّ السياحة مصدراً هاماً من مصادر الدخل الاقتصادي العالمي، إذ تولّد بشكل مباشر أو غير مباشر فرصة عمل واحدة من بين كل عشر فرص للعمل عالمياً، كما تساهم برفد الاقتصاد بإيرادات مالية عالية من خلال تنشيط حركة المطارات بالسياح القادمين من الخارج، إضافة إلى تنشيط حركة الأسواق والتجارة، وخدمات النقل والتوزيع.

وسورية بلدٌ سياحيٌّ بامتياز، تقع شمال غرب القارة الآسيوية، ميّزها الله بطبيعةٍ ساحرة، وبيئة جغرافية متنوعة، ومناخ متوسطي معتدل.. ففيها الجبال الشاهقة الخضراء المتاخمة للسواحل، وفيها الوديان والهضاب، كما تجري فيها الأنهار التي ساهمت بدورها ببناء الحضارات على مرّ التاريخ، لذا تُعدُّ وجهة لكل سائح باحث عن جمال المنظر، وأصالة الماضي الممتد إلى الحاضر.

هي مهد الحضارات، وأرض الديانات، مواقعها الأثرية تشهد على عراقتها، ولا تخلو مدينة من مدنها من معلم أثري أو طبيعي يشدُّ السيّاح إليها.. ليأخذهم غناها برحلة متنوعة بين المتاحف التاريخية والمعالم الأثرية من أسواق قديمة وأعمدة شاهقة، إضافة إلى عراقة أطباقها الشعبية، المعروفة على مستوى عالمي.

هي مقومات عظيمة جعلت من سورية مقصد كل سائح عربي كان أو أجنبي، لكن السؤال الأهم: هل استطاعت هذه المقومات أن تحافظ على واقع سياحي جيد في المنطقة لاسيما بعد الحرب المروّعة التي شهدتها؟

عشر سنين مضت والحرب ما تزال على أشدّها، تفتك بالإنسان السوري من كل المحطات، فقد تهالكت البنى التحتية، وتكالبت الأزمات، وتفاقمت الأوضاع المعيشية سوءاً، فضلاً عن الدمار والقتل والتفجيرات التي جلبتها النزاعات، فشملت الفنادق والأوابد الأثرية وحتى القلاع التاريخية، إضافة إلى سرقة الكثير من المعالم الأثرية وإخراجها من موطنها الأم سورية، كما أدّت الحرب إلى إغلاق الشركات، وفقدان الوظائف، عدا تراجع واردات قطاع التجارة والخدمات، ممّا انعكس سلباً على واقع السياحة في البلد، ولم تسلم الطبيعة والغابات الحراجية من هذه الآثار المدمرة للحرب، فقد قامت عصابات القتل بإشعال الحرائق في الجبال لتقضي على مساحات خضراء شاسعة حوّلتها إلى رماد في صيف السنة الفائتة. ولم يقف الأمر على الحرب في تأثيرها بالسياحة، وإنما لعبت الأوبئة دوراً بارزاً في أذيّة هذا القطاع، فقد حلّ وباء كورونا على العالم، فأُغلق المطارات، وحلّ القلق من الانتشار السريع للمرض، وفُرض الحظر الداخلي في البلاد، فمنع حتى السياحة الداخلية.

فما دور وزارة السياحة من أجل تطوير هذا القطاع المهم، والحدّ من هذه التأثيرات؟؟

يأتي الدور الأعظم لأصحاب الشأن في وزارة السياحة، بدعم كل ما يرتبط بهذا القطاع من مشاريع بناء، ومنشآت سياحية كالمطاعم والفنادق ومكاتب السياحة والسفر، والسعي إلى تحسين خدمات النقل، ودعم الحرف اليدوية التقليدية الّتي تُعدُّ مقصداً لكل زائر لسورية، إضافة إلى الاهتمام بالأماكن السياحية المغمورة، والمناطق الطبيعية المهملة ووضع ميزانية لهذا الغرض، لترميم كل المعالم الأثرية والقلاع التاريخية.

فالسياحة تعكس الصورة الحضارية والثقافية للبلد، فضلاً عن كونها من أعظم القطاعات التي تساهم في دفع عجلة الاقتصاد للأمام، فسورية غنية بمكوناتها واستثمار هذا الغنى واجب ومسؤولية وطنية.

العدد 1104 - 24/4/2024