قول نوجهه لمن ينكرون نظرية المؤامرة

د. صياح عزام:

هناك البعض من المحللين والمراقبين السياسيين يسخرون من نظرية المؤامرة، ويدّعون أن من يؤمن بوجودها يهدف من وراء ذلك إلى التغطية على سياسته وممارساته، ولا شك في أن هذا البعض مخطئ أو بالأحرى يتغاضى عمداً عن وجود تآمر على الوطن العربي لخدمة أجندة خاصة، أو ليستمرّ في تحقيق مكاسب مادية أو معنوية.

وفي هذا السياق سنسوق بعض الشواهد والأدلة التي وردت على لسان صحفيين وسياسيين أمريكيين أو أوربيين تشير بوضوح وبشكل لا يقبل الجدال، إلى أن الغرب وإسرائيل لم ولن يتركا الدول العربية، وخاصة منها التي تناهض مشاريع الهيمنة على المنطقة، تسير في طريق تنمية نفسها واللحاق بركب الحضارة.

– الدليل الأول وثيقة من وثائق إدوارد سنودن، وهو ضابط مخابرات أمريكي سابق، نقلتها وسائط التواصل الاجتماعي.. الوثيقة تعود إلى عام 2004 وتفيد أن اجتماعاً إسرائيلياً – أمريكياً- بريطانياً، عقد في لندن يوم 19/2/2004 في أحد قصور الأمراء العرب لمدة ثلاثة أيام، وتقرر فيه أمران:

1- تأسيس التنظيم المتطرف.

2- القضاء على حزب الله اللبناني، واختاروا الزرقاوي، وكلفوه بتأسيس (الدولة الإسلامية في العراق والتي أضيف إليها بعد ذلك الشام) تحت إشراف عقيد بريطاني، وحول للتنظيم مبدئياً 860 مليون دولار، والتدريب كان يتم في تركيا وبعد الزرقاوي سُلّم التنظيم لـ(أبي بكر البغدادي) الذي تلقى تدريباً مكثفاً لدى الموساد الإسرائيلي في مركز ناحال بوشي، وعاد إلى العراق وباشر تجنيد المرتزقة عام 2006 كانت سنة الفصل، فقد نفذت إسرائيل حربها ضد حزب الله اللبناني، إلا أنها فشلت في القضاء على هذا الحزب كما هو معروف، وكما كان مخططاً لذلك.

– بعد ذلك ضخ الأموال إلى الداخل السوري، وتم تدريب 17000 مقاتل في تركيا وبعض الدول العربية لزجّهم في سورية، وفشل المشروع الإرهابي الصهيو- أمريكي (انتهت الوثيقة علماً بأنه تم اختصارها).

– الشاهد الآخر على التآمر الأمريكي والغربي هو ما قالته عميدة مراسلي البيت الأبيض، التي تولت منصب رئيسة نادي الصحافة الأمريكي، وهي هيلين توماس، التي رفضت عبارة بوش الابن بأنه يحارب في العراق من أجل الله والصليب، وقالت عن حرب بوش ضد العراق إنها حرب الشيطان وليست حرب الله.

قبل رحيلها بأيام كتبت مقالة خطيرة ولكن لم تُنشَر، ما جعلها تصرخ في محاضرة بنادي الصحافة قائلة: (اليهود يسيطرون على إعلامنا وصحافتنا وعلى البيت الأبيض)، وأضافت (الإسرائيليون يحتلون فلسطين، هذه ليست بلادهم).

وأشارت إلى خطورة ظهور تنظيمات إرهابية قائلة: (لا تصدقوا أن واشنطن تحارب الإرهابيين، لأنهم دمية في أيدي (السي اي ايه)، صدقوني إنهم يكذبون، فهم صنّاع الإرهاب، والإعلام يسوّق أكاذيبهم لأنه من يمتلكه هم يهود إسرائيل).

وعلى إثر ذلك تعرضت هيلين توماس لعاصفة هجوم علنية من اللوبي الصهيوني.

– شاهد ثالث وهو ما قاله هنري كيسنجر ثعلب السياسة الأمريكي، نقتطف جزءاً من أقواله: (إن هدفنا الحقيقي من الحرب على العراق عام 2003 هو سيطرتنا الروحية التاريخية على العراق، لأنها تضمن لنا السيطرة الفعلية على الشرق الأوسط كله، وبالتالي على العالم، ففي العراق تتوفر الشروط الملائمة للصراع الشيعي – السني، ثم إن العراق مجاور لإيران والسعودية وتركيا وباقي المشرق العربي، وهو أيضاً ملتقى التنوعات القومية لبلدان الشرق الأوسط (عرب، أكراد، تركمان، مسيحيون، وغيرهم)، ونعمل على تأجيج الصراع الطائفي، ونعطي المجال لبروز الدور الكردي واستخدامه ورقة من قبلنا.. نحن من يشجع التغلغل الإيراني في العراق ونضخمه لإخافة العراقيين والسعودية وتركيا وجعلهم يتعلقون بنا.. شيدنا في العراق أكبر وأضخم سفارة في تاريخ البشرية، فكيف يصدق إنسان حتى لو كان له عقل طفل بأننا في طريقنا لمغادرة العراق) (انتهى قول كيسنجر علماً بأننا اختصرناه).

– شاهد رابع وهو العدد الخاص الذي أصدرته صحيفة نيويورك تايمز، وتم تكريسه للكارثة التي حلت بالوطن العربي خلال 13 عاماً ابتداء من عدوان أمريكا وبريطانيا على العراق الذي دمر الدولة العراقية وخلق الظروف لولادة داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية، وحوّل العالم العربي إلى منطقة ملتهبة، وأطلق عصر الإرهاب الذي يقض مضاجع البشرية ثم أن ما يسمى الربيع العربي هو واحد من النتائج والهزات الارتدادية لكارثة العراق.

وتقول الصحيفة: العرب يحاربون العرب في اليمن، والعرب يحاربون العرب في سورية وفي ليبيا، ولا توجد أية مؤشرات على أن هناك مستقبلاً عربياً أفضل).

(هذا موجز عما جاء في ملف الصحيفة أو عددها الخاص).

ختاماً نكتفي بعرض مثل هذه الشواهد والأدلة التي نطق بها، وكتب عنها أمريكيون وغربيون عما يجري في الوطن العربي وما يبيت له، وبالتالي علينا ألا ننكر وجود التآمر الأجنبي على الوطن العربي واستمراره وألا نسخر من ذلك كما يفعل البعض.

 

العدد 1104 - 24/4/2024