بيان من الحزب الشيوعي السوري “الموحد”

15/ 11/ 2011

يا أبناء شعبنا السوري!

تمر بلادنا بمنعطف جديد، يعدّ الأخطر بين المنعطفات التي مر بها خلال  الأشهر الثمانية التي أعقبت بداية الأزمة السورية، التي سقط فيها حتى الآن نحو ثلاثة آلاف شهيد من المدنيين والعسكريين. ورغم مشروعية المطالب التي رفعها المحتجون السلميون، والتي تمحورت حول ضرورة تعديل الصيغة السياسية لنظام الحكم باتجاه الديمقراطية، وإعادة النظر بالنهج الاقتصادي للبلاد الذي أدى إلى تفاقم المصاعب المعيشية للفئات الفقيرة والمتوسطة، ورغم القوانين الإصلاحية الصادرة لمعالجة العديد من هذه المطالب، والعمل على وضع دستور تعددي جديد للبلاد، فإن قوى العدوان والشر بزعامة القطب الأمريكي وشركائه الأوربيين وبعض الدول العربية الدائرة في الفلك الأمريكي، تابعت تحريضها وتشجيعها لتحويل الاحتجاجات السلمية إلى عصيان عسكري خصصت له ما في ترسانتها الإعلامية والمالية، تمهيداً لتفتيت سورية، وإلغاء دورها الوطني الذي شكّل العقبة الأخيرة أمام المخططات الأمريكية.

وبعد فشل محاولات هذه القوى تدويل الأوضاع السورية بسبب الموقف الروسي- الصيني في مجلس الأمن، لجأت إلى تكليف الجامعة العربية بالضغط على سورية، وتسويغ إحالة ملفها من جديد إلى الهيئات الدولية في مسعى نحو استنساخ السيناريو الليبي، خاصة أن الجامعة العربية أمست اليوم ملعباً لبعض الدول العربية النفطية المتغطرسة الباحثة عن لعب دور “الكبار”.

لقد وافقت سورية على المبادرة العربية بعد الاتفاق على تعديل بعض بنودها، وبدأت بتنفيذ هذه البنود رغم شراسة التصعيد المسلح الذي مارسته المجموعات المسلحة وأنصار التفتت والمطالبون بالتدخل الأجنبي. فأطلقت سراح بعض الموقوفين تمهيداً لإطلاق جميع المعتقلين السياسيين، كما جاء في بنود المبادرة، وسحبت الوحدات العسكرية من أغلب المناطق التي شهدت توترات، وكلفت وحدات الشرطة بالإشراف على الأمن في المدن، لكن ذلك لم يُرضِ بعض من أرادوا تدويل الأزمة السورية، وتبرير التدخل العسكري، الذين فوجئوا بالرد السوري الإيجابي على المبادرة العربية، فتنادوا إلى اجتماع وزاري استثنائي للجامعة العربية، لإصدار قرار يدين سورية. وبدا واضحاً أن المطلوب من الجامعة تعقيد الأزمة السورية بدلاً من حلها، كما ظهر جلياً أن القرار الذي أصدرته الجامعة العربية بتعليق مشاركة سورية في نشاطها يصبّ في مصلحة القوى الاستعمارية، ويعمق الأزمة السورية.

لقد انكشفت مرامي الجهات التي كانت وراء هذا القرار المتسرع، والذي يدل على أن هذا القرار كان جاهزاً قبل عقد الاجتماع نفسه، وثبت أن اللجوء إلى التدخل الأجنبي قد أصبح خياراً قوياً أكثر من أي وقت مضى، وأن إصداره كان محطة لابد منها لتدويل الأزمة، واللجوء إلى هذا التدخل بطرق مختلفة، الأمر الذي يطرح على سورية التعامل مع هذه المسألة بمنتهى المبدئية وبالأساليب السياسية التي تؤكد التمسك بالمبادرة المعلنة في 2112011 والتي بدأت سورية بتطبيقها، واتخاذ جميع التدابير السريعة اللازمة لاستكمال تنفيذ كامل بنودها. ومن هنا نرى ضرورة الإسراع بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والموقوفين على خلفية التظاهرات، من الذين لم يستخدموا السلاح ضد الدولة والأفراد، والسماح لوكالات الأنباء الخارجية بالدخول إلى سورية للاطلاع على حقيقة الأوضاع ولإضعاف دور التحريض الإعلامي الكاذب، والإعلان عن نتائج التحقيقات التي جرت مع الذين أساؤوا التعامل مع الحراك الشعبي السلمي.

إن تسريع الإصلاحات التي تهدف إلى الانتقال إلى مجتمع ديمقراطي، وإعداد دستور جديد للبلاد قائم على التعددية، هو من أهم الخطوات التي تقطع الطريق على التدخلات الخارجية، وتستعيد ثقة المواطنين.. وفي الوقت نفسه يجب ضمان أمن الوطن والمواطن.. وهو أمر لا يتعارض مع الإصلاحات، فالإصلاح وضمان سلامة المواطنين أمران يكمل أحدهما الآخر.

إن الأمور تتسارع، والخطر على الوطن يزداد، فلتتوحد جميع القوى الشريفة في البلاد، من أجل حماية وطننا الغالي سورية من تدخلات القوى الاستعمارية الأجنبية، وضمان انتقال البلاد انتقالاً سلساً وسلمياً وحضارياً إلى الديمقراطية، وتلبية مصالح الجماهير الشعبية الكادحة.14-11-2011

الحزب الشيوعي السوري “الموحد”

النور 508 (16/11/2011)

العدد 1104 - 24/4/2024