أيها القانون.. أنصِف أطفالاً معاناتهم قاسية!

ريم داوود:

مواعيد وروزنامات ممتدة لشهور وربما لسنوات ينتظر فيها كلا الأبوين حقّه في حضانة أطفاله. نزاعات وخصومات والخاسر الأكبر فيها هم هؤلاء الصغار. ضجيج وخلافات تشهدها أروقة المحاكم، فهل أنصف قانوننا المرأة في كل جوانب الحياة أم أنه لا يزال هناك ثغرات تحتاج للتعديل؟ إصلاحات ملموسة شهدها قانون الاحوال الشخصية لعام ٢٠١٩ بما يخص الحضانة ومنع سفر الأطفال دون موافقة كلا الوالدين بعد أن كان الوالد قادراً على اجتياز الحدود بأطفاله دون سابق إنذار، سنوات من الظلم والعنف أنهاها تعديل القانون في بعض بنوده، تغيرات جذرية غيّرت حال النساء من درجة ثانية إلى مماثل للرجل، لكن ليس في كل بنود القانون إنما بعضها. وفي حديثي عمّا ورد ذكره تعود بي الذاكرة إلى عام ٢٠١٥ إلى الحدود السورية اللبنانية، ذلك أن الأوراق بحوزتي كانت كاملة وطفلتي على ذراعي، تقدّمت تجاه الموظف لأتمَّ ختم المغادرة وأختصر بضعاً من الوقت ريثما يصل زوجي. أتممت ختم أوراقي بانتظار أن يختم الموظف أوراق طفلتي فوقف قائلاً: أين والد الطفلة؟ أجبت: إنه قادم ها هي الأوراق كاملةً، تبسّم رافضاً ختم الأوراق دون حضور والدها، ولم أعلم حينذاك ما كانت تلك الابتسامة تعني، عاودت الحديث مؤكّدة أنني والدة الطفلة فأجابني: وليكن، أريد والدها!!

ألمٌ اعتصر قلبي، وخيبة عصفت باطني، لم أدرِ حينئذٍ أأبكي أم أضحك، وكادت دموعي تنهمر مع خروجي من ذاك المكان غير قادرة على وصف ما حصل، فكيف لا ننتفض مطالباتٍ بحقوقنا؟ وأثناء بحثي في سجلات الإنترنيت عن قانون الأحوال الشخصية المعدّل شاهدت مقطع فيديو عرض على إحدى القنوات السورية، فيه شرح بنود القانون المعدل لتوضيح اللبس الذي حصل لدى المواطنين، وفي صلب الموضوع تطرّقت المحامية الضيفة لشروط زوال الحضانة كما نص عليها القانون، وفيما كنت أستمع لها سرحت بأفكاري أتساءل أليس من الجدير بنا أن نعمل على تعديل كل ثغرات القانون؟ أليس من حق النساء أيضا منح أطفالهن النسب وخاصة في ظل الظروف القاسية التي مرّت بها البلاد من حرب دامية كانت نتيجتها قتل وتهجير وأطفال بلا نسب؟

إن التعديل الذي طال بعض مواد وبنود قانون الأحوال الشخصية جاء متأخّراً كثيراً لكنه تمّ في النهاية. ونحن كنساء أصبحنا نمثّل أكثر من نصف المجتمع في الآونة الأخيرة، فنحن كأمهات، موظفات، عاملات، مدرّسات وربّات منزل مساهمات في بناء وتأهيل مجتمع كامل بشكل مباشر وغير مباشر. لذا، ألا يحق لهذه المرأة أن تُكرّم في مجتمع قدّمت وتقدّم فيه كل ما تملك؟ أليس من المفروض أن تكون القوانين متناغمة مع روح العصر مناسبة للتطورات للجارية؟ وكيف لنا ونحن في العام ٢٠٢١ أن نطالب بشهادة اثنتين من الإناث مقابل شهادة ذكر؟ وهل يجوز مع كل هذا التطور الحاصل عالمياً ومحلياً أن تبقى المرأة معادلة نصف الرجل؟  ومع كل ما نشهده من تقدم وتمدن وعمران، يبقى الأمل في أن نشهد تغييرات تطول كل ثغرات القانون تتمكن فيها النساء من الحصول على حقهن جنباً الى جنب مع الرجل.

العدد 1104 - 24/4/2024